جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص287
خبر مرسل غير منجبر، فلا ينهض لمعارضة مما سبق من النص والاجماع، كما لا ينهض لمعارضتهما صحيح العلاء بن رزين (1) عن الصادق عليه السلام ” سألته عن الرضاع فقال: لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدى واحد سنة ” فانه وإن كان معتبر السند إلا أن عمل الطائفة بخلافه، فهو من الشاذ الذى أمرنا بطرحه، وصحفه بعض متأخرى المتأخرين بالضم والتشديد أو بالكسر مع الاضافة الى ضمير الارتضاع، على أن المراد الرضاع في الحولين اللذين هما سن الرضاع والسنة فيه، فضلا عن خبرالحلبي (2) عن الصادق عليه السلام ” لا يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين ” وخبر عبيد بن زرارة أو زرارة (3) عنه عليه السلام أيضا ” سألته عن الرضاع، فقال: لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدى واحد حولين كاملين ” الضعيفين المتروكين أيضا باجماع الطائفة الممكن تأويلهما بارادة الظرفية، ولا يأباه وصف الكاملين.
فمن الغريب توقف بعض متأخرى المتأخرين في ذلك فيهما، بل أغرب منه ميله الى اعتبار الحولين لتعدد رواياته وتأيده بالاصل والمخالفة لمذاهب الجمهور، إذ يمكن أن يكون مخالفا لاجماع المسلمين وللاخبار المتواترة عن الائمة الميامين عليهم السلام، بل يمكن أن يكون مخالفا للضرورة من الدين، كالذى عساه يظهر من النصوص السابقة، في المجبور من اعتبار الدوام والاستمرار في تحريم الرضاع الذى لا يخلو من تأييد للحولين، ولكن لو ساغ للفقيه التردد بكلما يجد أو الجمود على كل ما يرد ما اخضر للفقه عود ولا قام للدين عمود، نسأل الله تعالى تنوير البصيرة وصفاء السريرة، فانه الرحيم المنان المتفضل الحنان ذو الفضل والاحسان.
ثم لا يخفى عليك ظهور النص والفتوى في الاكتفاء بذلك وإن لم يبلغ العدد، ويمكن أن يكون تحديد الشارع ملاحظا فيه الوسط من الناس، فانه كما اعترفبه في المسالك يأتي على العدد تقريبا، وهذه عادة للشارع في ضبط قوانين الشرع في مقامات عديدة، ويكون تحقيقا في تقريب، وقد عرفت أن الاصل الانبات،
(1) الوسائل الباب – 2 – من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 13.
(2 و 3) الوسائل الباب – 5 – من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 10 – 8.