جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص272
لكن منع منه مانع كمرض ونحوه لم يؤثر، مع احتماله كما يومئ إليه الاكتفاء بأخبار أهل الخبرة المبني على أنه مما ينبت، بل يومئ إليه أيضا جعل الزمان والعدد كاشفين عنه، ضرورة ابتناء كشفهما على ذلك، لكن قد يقال: إن أقصى ذلك كله الحكم به على غير معلوم الحال، لا الاعم منه وما علم عدمه، ولعل هذا هو الاقوى، ومرجعه الى اعتبار الفعلية التى طريقها ما عرفت.
وكذا ظاهر النص والفتوي اعتبارهما معا في الحرمة، فلا يكفى حينئذأحدهما، خلافا للشهيد في اللمعة، فاكتفى به، بل حكاه السيد في نهاية المرام عن جماعة، وقواه وعلله بالتلازم، واحتمل التعليل به في الروضة، ولكن رجح اعتبار الجمع، وقطع به في المسالك، ورد القول بالاكتفاء بالشذوذ ومخالفة النصوص والفتوى، وكأنه استضعف التعليل بالتلازم، لعدم ظهوره، وعدم ظهور استناد الشهيد إليه، كما يشعر به كلامه في كتابيه، وإلا فالبناء عليه يقتضي الموافقة في كون المحرم وجود الوصفين معا وإن اكتفى في العلم بالتحريم بأحدهما، فأنه للكشف عن وجود الاخر، لا للاستغناء به عنه، وليس في ذلك ما يخالف النص ولا الفتوي، لكنه فرع ثبوت التلازم، وهو في حيز المنع، خصوصا بالنسبة الى إنبات اللحم، ضرورة عدم استلزامه لشد العظم، لبطوء تحلله وتغذيه، فقد تكون بعض الرضعات مغذيا للحم خاصة وبعضها مغذيا للعظم خاصة، كما في صورة استغناء اللحم عن الغذاء.
نعم يمكن دعوى التلازم من جهة اشتداد العظم باعتبار سبق اللحم عليه، فلا يشتد العظم إلا بعد أن يستغني اللحم المشتمل عليه عن الغذاء، ويكون الجمع بينهما حينئذ في الاخبار مع إغناء الثاني عن الاول لوجهين: الاول أن نشر الحرمة لهما، والاخر أن تغذى العظم بعد استغناء اللحم عن الغذاء، فبعض الرضعات ينبتاللحم خاصة، وبعضها يشد العظم، والكل معتبر مع احتمال عدمه أيضا، ضرورة إمكان تصور شد العظم خاصة من رضاع امرأة بعد استغناء اللحم من امرأة اخرى.
ومن هنا أمكن أن لا يكون نظر الشهيد الى ذلك، بل للاكتفاء في النصوص (جواهر الكلام – ج 17) (