پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص255

وأما روايات التعزير فمع عدم صراحة جميعها في وطء الشبهة ولا في أن المأتي به تعزير لاحد محمولة على التهمة في دعوى الجهالة بمظنة الزنا، أو على أن الاقدام على الوطء لظن معتبر لا يعلم الواطء اعتباره، ولو سلم فلا نسلم امتناع التعزير مع الجهل بالحال، وخصوصا مع ظن عدم الاستحقاق، لان الوطء في تلك الحال لا ينفك عن اجتراء على القبيح ومخالفة الاحتياط المطلوب سيما في الفروج، مع ما فيه من قطع المعاذير الباطلة وحسم مادة المعصية، ولا ريب في أنه مطلوب شرعا.

وأما فساد ما ذكر أخيرا فيعرف من ملاحطة كلام الفقهاء في الحدود، فانه لم يشترط أحد منهم في الحد العلم بعدم الاستحقاق في تحقق الزنا وانتفائه، وإنما اعتبروا فيه العلم بالتحريم، وبنوا عليه ثبوت الحد مع وجوده، وسقوطه معانتفائه في جميع المسائل التى فرعوها على اعتبار العلم في حد الزنا، كما لا يخفى على من لا حظ عبارة المصنف والفاضل وغيرهما هناك، هذا.

ولكن الانصاف عدم منافاة الاثم في الوطء للشبهة إذا كان منشأه التقصير في المقدمات، ضرورة كون نكاح الكفار ونحوهم جميعه من الشبهة وإن أثموا به باعتبار اختيارهم الاديان الباطلة، وكذا ظان الحلية من غيرهم، ولكن لتقصيره في عدم مباشرة أهل الشرع والالتفات الى ما يراد منه لم يتنبه الى حرمة العمل له بهذا الظن، فانه لا ريب في تحقق الاثم عليه بذلك، كما أنه لا ريب في كونه من الشبهة والسكران إنما خرج بالادلة الخاصة.

فالتحقيق حينئذ تعريف الشبهة بما ذكرناه أولا، لكن مع تعميم الاعتقاد للقطع والظن الذى لم يتنبه صاحبه الى عدم جواز العمل به ولو لتقصير منه في المقدمات، وتعميمه أيضا للمقصر فيما اقتضاه كأهل المذاهب الفاسدة وغيره، وجميع ما نافى ذلك من عبارة أو رواية قد عرفت إمكان إرجاعه إليه، بل قد يقال بكفاية الظن بالاستحقاق في النسب وإن لم يعلم الواطء بكفايته في الحلية بعد تنبهه للحال وتقصيره في السؤال كما هو مقتضى إطلاق ما سمعته من النص والفتوى، لعدم كونه