جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص242
إعانة على ما يحرم على الاخر، فان التحريم على الاول كثيرا ما يكون ثابتا للمتعاقدين بالاصالة من غير أن يكون ثبوته لاحدهما تابعا لثبوته للاخر وإن كان العلم بثبوته لاحدهما منهما موقوفا على العلم بثبوته للاخر، لان توقف العلم على العلم لا يستدعى توقف الحكم على الحكم، فان العلم بتحريم الابن على الام من قوله تعالى (1):( حرمت عليكم أمهاتكم( وإن توقف على العلم بتحريم الام على الابن إلا أن التحريم في الاول ليس بمتوقف على التحريم في الثاني ولا تابع له، بل تحريم الابن على الام تحريم أصلي كتحريم الام على الابن وإن كان تابعا له في العلم والتصديق، ومن المعلوم أن التحريم بهذا الوجه لا يمكن اثباته بتحريم الاعانة، لكونه تابعا لتحريم الفعلعلى المعان، وموقوفا عليه إذا الاعانة على الاثم فرع تحقق التكليف المؤجل للاثم على تقدير المخالفة، وأيضا فان التحريم من جهة الاعانة مقصور على صورة العلم بتعرض المعان للاثم، إذ مع احتمال الاشتباه في الموضوع أو اعتقاد نفي التحريم على وجه معتبر لم يتحقق هناك إثم تحرم الاعانة عليه، بخلاف التحريم من جهة اللزوم، فانه لا يختص بذلك، بل يثبت مطلقا ولو مع الجهل بالحال، كما هو مقتضى حكمهم بالتحريم هنا مطلقا، وبالجملة لا يحتاج فساد دعوى كون المنشأ في التحريم هنا الاعانة إلى تطويل.
فالاولى في الاستدلال على المطلوب في المقام بأن تحريم المعاملة إن كان لتوجه النهى الى عينها أو وصفها اللازم كما في بيع الميتة ونكاح المحارم فالتحريم من أحد الطرفين يستلزم التحريم من الاخر لان تحريمها على الوجه المذكور يقتضي فسادها، وهو يقتضى تحريمها من الطرف الاخر، لكون التحريم من لوازم الفساد ولو كان لتوجه النهى فيها الى أمر خارج كما في البيع وقت النداء، وبيع الامة قبل استبرائها، والعقد على المخطوبة إن قلنا بتحريمه، فالتحريم من أحد الطرفين لا يستلزم التحريم من الاخر إلا من جهة الاعانة على الاثم، للاصل السالمعن المعارض، نعم قد يدعى كراهته.
(1) سورة النساء: 4 – الاية 23.