جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص107
والمراد من قوله ” من حيث أمركم الله ” الجهة التى أباحها الله، وهى القبل والدبر، فيكون القيد للتعميم، ولو سلم إرادة القبل منه باعتبار المنع حال الحيض فلا دلالة فيها على عدم الجواز في الدبر، أو بمعنى الجهة التى ندبكم إليها، وهى القبل، وانما خص، لاختصاصه بالاعتزال في الحيض، أو ما سمعته في خبر ابن أبى يعفور (1) الذى يمكن أن يكون معارضا لخبر معمر (2) في تفسير آية الحرث، سيما بعد المروى عن العياشي (3) عنه قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن إتيان النساء في أعجازهن، فقال: لا بأس، ثم تلا هذه الاية نساؤكم ” الى آخرها، وعن زرارة (4)عن أبى جعفر عليه السلام ” في قول الله نساؤكم حرث، قال: حيث شاء ” أللهم إلا أن يراد منه الاستشهاد بها على أن المراد بالاية الاولى طلب الولد، لمكان الحرث، لا أن المراد بها الجواز في الدبر، ونصوص اللعبة مع ضعفها ولا جابر لها مشعرة أو ظاهرة بالكراهة، بل وكذا المروى عن أمير المؤمنين (5) عليه السلام، وخبر أبى بصير (6) أيضا.
ودعوى أعظمية النجو من الحيض أذى ممنوعة، على أن الاذى ربما كان لغير النجاسة من فساد الولد ونحوه مما ورد (7) في مفاسد الوطء في الحيض، ويؤيده أن دم الاستحاضة نجس ولا يجب الاعتزال له.
والمراد من آية الحرث تسمية المرأة نفسها حرثا لشبهها بموضعه، ثم أباح إتيانها أنى شئنا، وهو لا يستدعى الاختصاص بموضع الحرث، ولذا يجوز التفخيذ ونحوه إجماعا، بل ادعى بعضهم الاجماع على جوازه فيما بين السرة والركبة.
فالمتجه حينئذ حمل نصوص المنع على الكراهة كما أومأ إليه نصوص الجواز بلفظ ” لا احب ” و ” إنا لا نفعله ” ونحو ذلك أو على التقية من العامة، فانه مذهب من عدا مالكا وجماعة من الشافعية، والشافعي في رواية كما قيل، وهذا في الحقيقة مرجح آخر للمطلوب أيضا، ضرورة أنه على تقدير الجواز علم حمل رواية المنع، (يعلم
(1 و 3 و 4) الوسائل الباب – 73 – من أبواب مقدمات النكاح الحديث 5 – 10 – 11.
(2 و 5 و 6) الوسائل الباب – 72 – من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1 – 11 – 9.
(7) الوسائل الباب – 24 – من أبواب الحيض – من كتاب الطهارة.