جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص106
وفي كشف الرموز وكان فاضل منا شريف يذهب الى التحريم، ويدعي أنه سمع ذلك مشافهة ممن قوله حجة، وهو مؤيد للنصوص، مضافا الى قوله تعالى (1) ” من حيث أمركم الله ” وإلى الامر (2) بالاعتزال في المحيض للاذى، ولا ريب أن النجو أعظم، بل وإلى آية الحرث (3) فان موضع الحرث الذى يتوقع منه حصول الولد القبللا الدبر.
لكن الجميع كما ترى، فان الخبر الاول ضعيف، والثانى لا دلالة صريحة فيه على المنع، مع اختلاف النسخ فيه، وعدم ظهور المراد من بعضها، بل ظهور بعضها، في الكراهة، والثالث ظاهر في الكراهة.
والرابع انما هو في تفسير الاية على أن تحصيل المراد منه لا يخلو من خفاء، إذ هو إن كان لبيان إتيان المرأة من قبلها، لكن من خلفها وحينئذ يكون السؤال من أبى الحسن عليه السلام عن ذلك خرج عن موضوع ما نحن فيه، وإن كان المراد بيان جواز الوطء في الدبر لكن لم يكن المراد من الاية خصوص الدبر كان دالا على المطلوب لا منافيا، مضافا إلى ما في الاول منهما من النقل عن أهل المدينة من التعريض في المخالفة، مع أن المعروف فيما بينهم المنع لا الجواز، فلا يبعد حينئذ وجود الخلل من الراوى في الخبر المزبور، أللهم إلا أن يريد بأهل المدينة الكناية عن الامام عليه السلام وأتباعه، فأقره الامام عليه السلام على ذلك، ثم ذكر ما يدل على فساد استدلال المخالف على المنع بالاية وحينئذ يكون دالا على الجواز لا المنع، وكذا قوله ” أهل الكتاب ” في الخبر الثاني، أي من عنده علم الكتاب، ويمكن إرادة مالك وأتباعه منأهل المدينة، والكناية عن العامة بأهل الكتاب تشبيها باليهود، وعلى كل حال فالخبر غير واضح.
والخامس لم يعلم المراد به، وعلى فرض كونه المعصوم عليه السلام فهو خبر معارض بما عرفت.
(1 و 2) سورة البقرة: 2 – الاية 222.
(3) سورة البقرة: 2 – الاية 223.