جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص22
الشهوات من النساء وغيرها ; لا أنه شامل من تزوج على الوجه الشرعي لارادة النسل والذرية، ورفع الوحشة من الوحدة، والاعانة على كثير من الطاعات والعبادات، وإن لم تكن نفسه تائقة الى التزويج، على أن الاية لو كان المراد ظاهرها لنا في رجحان التزويج لمن تاقت نفسه، ضرورة أولوية اندراجه في آية التزيين من غير التائق.
وربما اجيب عن الثاني بأن الذم المستفاد من الاية مختص بمحبة ذلك للشهوة البهيمية دون ارادة الطاعة وامتثال الامر، وفيه أن النكاح ليس من قبيل العبادات الموقوفة على إرادة الطاعة وقصد الامتثال حتى يلزم أن لا يكون فعله على غير ذلك الوجه مستحبا ومرادا، بل من المعاملات التى يكفى في رجحانها وفضيلتها ترتب الاثار والاغراض المطلوبة من الامر عليها، وإن لم يكن وقوعها على وجه الطاعة وقصد الامتثال، ومن المعلوم أن ما يقتضى إرادة النكاح والامر به من المصالح كتكثير النسل والامةوإبقاء النوع والخلاص من الوحدة وغيرها مما لا يختلف الحال فيها بين أن يكون وقوع النكاح بقصد الامتثال وإرادة الطاعة، أو لميل النفس وحب الشهوة، نعم وقوعه على وجه العبادة يتوقف على أن يكون الفعل لاجل أمر الشارع وإرادته، ولا كلام فيه، فان كل أمر مطلوب يصير بالنية وقصد الامتثال عبادة، ويحصل به التقرب، وهذا لا يقتضى توقف حصول المطلوب مطلقا على ذلك، وما يقال: إن المستحب ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، فانما أرادوا به إثابة فاعله على بعض الوجوه، لا على كل وجه.
وتحقيق المقام أن ما أمر به الشارع إما أن يكون تعلق الامر به لمصلحة في الفعل لا تحصل إلا بقصد الامتثال وإرادة الطاعة، بحيث لا يكون الاتيان به بدون ذلك مرادا ومطلوبا بذلك الامر كأوامر العبادات، فانها وإن كانت بحسب الظاهر متوجهة الى نفس الفعل إلا أنها في الحقيقة متعلقة به من حيث إنه مأمور به ومراد للشارع، لتوقف صحتها على ذلك، وعدم حصول الامتثال بها من دونه، ولا فرق في ذلك بين أن تكون العبادة من قبيل الافعال كالصلاة والزكاة، أو التروك كالصيام والاحرام، إذ كما لا يجزى وقوع الفعل في العبادات الوجودية على أي وجه اتفق فكذا لا يجزى الترك كذلك في العبادات العدمية، بل لابد في كل من الفعل والترك من نية