جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص11
القسط والعدل المشعر بكون الامر لانتفائه في المأمور به وسلامته عنه، وذلك قرينة واضحة على إرادة الرخصة منه من غير التفات إلى الوجوب والندب، والمعنى حينئذ إن خفتم أن لا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن فانكحواما طاب لكم من النساء من غيرهن، فانهم كما قيل كانوا يتزوجون اليتامى اللاتي في حجورهم، طمعا في المال أو رغبة في الجمال، فيجتمع عند الواحد منهم منهن ما لا يقدر على القيام بحقه، أو إن خفتم أن تجوروا على من لكم الولاية عليهم من يتامى النساء بأخذ أموالهن وصرفها في مؤن تزويجكم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، ولا تزيدوا حتى لا يحوجكم إلى ذلك، فقد قيل: إن الرجل من قريش كان يتزوج العشر من النساء وأكثر، فإذا اعدم تناول من أموال اليتامى المولى عليهم، فنزلت هذه الاية (1) أو غير ذلك مما قيل في الاية مما هو مشترك فيما ذكرناه من عدم الالتفات فيه إلى الوجوب والندب، وأنه لايراد منه سوى الرخصة والاباحة، نحو قول القائل: ” إن خفت من ضرر هذا الطعام فكل من ذلك ” فان المفهوم أن الطعام المأمور به خال عن الضرر مرخص في أكله، وأما أن أكله مطلوب ومراد فلا يفهم منه، على أن المفهوم من الاية المنع عما زاد على الاربع، ومن ثم استدلوا بها على حصر الجواز في ذلك، بل أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند نزولها من كان عنده أزيد من أربع بامساك الاربع وتسريح البواقي (2) وذلك إنما يصح لو كان الامر للاباحة، فان مفهوم العدد حينئذ يقتضى تحريم الزيادة،بخلاف ما لو كان الامر للندب، فانه يقتضي حينئذ عدم استحبابها، وهو أعم من تحريمها، والامر سهل بعد تعدد الادلة على المطلوب غيرها آية ورواية.
(1) تفسير الطبري ج 4 ص 233.
(2) الموجود في سنن البيهقى ج 7 ص 149 وغيرها في هذا الباب أنه صلى الله عليه وآله أمر بامساك أربع ومفارقة سائرهن بالنسبة الى من أسلم وكان عنده عشرة أو ثمانية نسوة.