جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص6
النكاح مجازا في العقد والوطء جميعا لانه مأخوذ من غيره، فلا يستقيم القول بأنه حقيقة لا فيهما ولا في أحدهما.
ويؤيده أنه لا يفهم العقد إلا بقرينة، نحو نكح في بني فلان، ولا يفهم الوطء إلا بقرينة نحو نكح زوجته، وذلك من علامات المجاز، وإن قيل: إنه غير مأخوذ من شئ، فيترجح الاشتراك، لانه لا يفهم واحد من قسميه إلا بقرينة، وفيه أن من قال بالاخذ فانما يقول بكونه حقيقة في عرف اللغة فيهما أو في أحدهما، ولا ينافي التجوز باعتبار أصله، على أن لزوم التجوز إنما يسلم إن لم يكن إطلاقه على الوطء من جهة كونه ضما واختلاطا ومخامرة وغلبة والتقاء وهو ممنوع.
وعلى كل حال فقد عرفت أن المشهور كونه للوطء لغة، كما أن المشهور كونه للعقد شرعا، بل عن ابن إدريس نفي الخلاف فيه، بل عن ابن فهد والشيخ والفخر الاجماع عليه، لغلبة استعماله فيه، حتى قيل: إنه لم يرد لفظ النكاح في الكتاب العزيز بمعنى الوطء الا في قوله تعالى (1) ( حتى تنكح زوجا) بل قيل:إنه فيها بمعنى العقد أيضا، واشتراط الوطء إنما علم من دليل آخر، نعم، في المصابيح للعلامة الطباطبائي الظاهر أن النزاع في المسألة مبني على الخلاف المشهور في الحقيقة الشرعية، فعلي القول بالثبوت يكون النكاح حقيقة في العقد مجازا في الوطء، وعلى العدم يكون الامر بالعكس، والقول بثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ النكاح خاصة دون سائر الالفاظ كالصلاة والصوم والزكاة وغيرها على ما يوهمه الاجماع المنقول مع بعده في نفسه غير معروف ولا منقول عن أحد، مع أن الظاهر كون الدعوى هناك نفيا وإثباتا على الوجه الكلي، وأن النافي للحقيقة الشرعية يدعى السلب الكلي، وثبوتها في لفظ النكاح أعنى الايجاب الجزئي يناقضه.
قلت: هذا حاصل كلام الاصحاب في المقام، لكنه إن لم يتحقق الاجماع لا يخلو من بحث، ضرورة استعمال لفظ النكاح المقابل للسفاح قبل الشرع، نحو
(1) سورة البقرة: 2 الاية 230.