پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص443

إن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” ان في حجري يتيما أفآكل من ماله ؟ قال: بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق ” أي غير مستأصل للمال، ولا واق بماله مالك.

نعم لو لم يكن لفعله أجرة في العادة كوضع الدارهم والدنانير عنده، أو كان المال قليلا غير محتاج إلى عمل له أجرة يعتد بها عرفا لم يأخذ شيئا، على ما أومأ إليه في بعض النصوص السابقة، كما أنه ينبغى له التعفف لو كان غنيا غير محتاج كى يمنعه اشتغاله بمال اليتيم عن قوته وقوت الواجبى النفقة، فان الآية واناشتملت على الامر الظاهر في الوجوب خصوصا في أوامر الكتاب، لكن المادة تشعر بالندب، فيضعف الظن بارادته منه على وجه يعارض ما سمعته من القاعدة والصحيح وغيرهما، سيما في الاعمال التى لا يجب عليه مباشرتها، كالتنمية ونحوها، فدعوى أن له بذل الاجرة للغير دون نفسه واضحة الفساد، بل هي كذلك في كل عمل كان له ذلك فيه، ضرورة عدم الفرق بينه وبين غيره في ذلك، بل لعله أولى باعتبار بقاء نظره على مال الطفل واحتياطه عليه.

ومن ذلك يظهر لك ضعف التفصيل بين الفقير والغنى في الاستحقاق وعدمه كما أن منه يظهر لك ضعف مستند الاقوال البقية التى وجهها الاخذ بالآية، وما ورد في تفسيرها في خصوص الفقير، أو الجمع بينها وبين ما دل على وجوب الاجرة بأخذ الاقل منهما الذي هو الاحسن في مال الطفل المنهى عن القرب إلى ماله إلا بالتي هي أحسن (1)، ولان الكفاية ان كانت أقل من الاجرة فمع حصولها يكون غنيا يجب عليه الاستعفاف، وإن كانت الاجرة أقل فهو لا يستحق الازيد في البالغ، فضلا عن اليتيم، واستجوده في المسالك لو تحقق للكفاية معنى مضبوط، قال: ” لانه إن أريد بالاكل بالمعروف المتعارف كما يظهر من الآيةوالرواية وجعل مختصا بالولي لا يتعدى إلى عياله، فلا منافاة بين الفقر وحصول الكفاية منه بهذا الاعتبار حينئذ، لان حصول القوت محتاج إلى مؤنة السنة من نفقة وكسوة ومسكن وغيرها حتى يتحقق ارتفاع الفقر، إذ لم يشترط حصول ذلك في

(1) سورة الانعام الاية 152.