جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص288
بقدر الثلث، كما في الوصية العهدية أو التمليكية التي يجب على الوراث تنفيذها، و كان مالكا كما يجب عليه وفاء الدين كذلك، إذا كانت بقدر الثلث أو ازيد مع الاجازة، ولا ريب في كون الاجازة حينئذ نحو إجازة الفضولي، وليست تنفيذا بالمعنى الذى ذكره الاصحاب الذي فرعوا عليه إجازة المفلس والسفيه ونحوهما، كما أنه لا ريب في عدم كون المراد من القول المقابل للتنفيذ أن الاجازة نفسها هبة أو عتق أو نحو ذلك، ضرورة أن الرضا بما فعله الموصى من الايصاء الشامل للعهد وغيره، ليس عقد هبة أو عقد بيع مثلا، وايقاع عتق، ولذا لم يذكر أحد مثل ذلك في الفضولي، لا على القول بالكشف، ولا على القول بالنقل، فلابد من حمله على ما ذكرناه، وإلا كان واضح البطلان، كما أنه لابد من تنقيح المسألة على الوجه الذي قلنا، وبه يظهر لك ما في كثير من الكلمات فلاحظ وتأمل، حتى ما ذكروه في التنجيز، وأنه في الزائد على الثلث كالوصية في البحث المزبور، والله اعلم.
ثم لا يخفى عليك أن الاجازة لا تصح من المجنون والصبى، وتصح من المفلس حال حياة الموصى، وفى الروضة في صحتها بعد موته وجهان: مبناهما على أن التركة هل تنتقل إلى الوارث ؟ وبالاجازة تنقل عنه إلى الموصى له، أم تكون الاجازة كاشفةعن سبق ملكه من حين الموت، وعلى الاول لا تنفذ لتعلق حق الغرماء بالتركة قبل الاجازة، وعلى الثاني يحتمل الامرين، وإن كان النفوذ أوجه.
لكنك خبير بأن المعروف بين الاصحاب كون الاجازة تنفيذا والمراد به الرضا بالخروج عن كونه وارثا بالنسبة إلى الموصى به، وأن مقابله ما يحكى عن العامة من كونه ابتداء هبة ومن هنا بنى المسألة في محكي التذكرة عليهما فقال: إن قلنا: إنها هبة لم تصح، لانه ليس له هبة ماله، وأما السفيه ففى القواعد ومحكي غيرها اطلاق المنع من اجازته، لكن قد يقال: إنه كالمفلس بالنسبة إلى ذلك، لعدم كونه مالكا في حال الحياة بل لم يتصرف في المال بعد الوفاة، وإنما رضى بعدم كونه وارثا وهو ليس تصرفا ماليا حتى يمنع منه، أللهم إلا أن يقال: إنه ممنوع مما يشمل مثل هذا التصرف لكن يأتي احتمال مثله في المفلس، ولعل ذلك هو الوجه في الامرين