جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص222
و قيل: والقائل الشيخ فيما حكى عنه والفاضل في محكي مختلفة (هي جعالة فلا تفتقر إلى قبول، ويكفى البذل) كما يكفى فيها قول من رد عبدى فله درهم ونحوه، (وعلى الاول: فهو لازم كالاجارة) لعموم (1) ” أوفوا ” (2) و ” المؤمنون ” والاصل (وعلى الثاني: هو جائز، شرع فيه أو لم يشرع) كالجعالة وإن كان التحقيق خروجهعنهما معا، ضرورة انتفاء جملة من خواص كل منهما فيه، منها – العوض، فإن الظاهر عدم اعتباره فيه، لاطلاق الادلة وعمومها، بل قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدونه.
قال الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبر طلحة بن زيد (3) ” أغار المشركون على سرح المدينة، فنادى فيها مناديا سوء صباحاه فسمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فركب فرسه في طلب العدو وكان أول أصحابه ولحقه أبو قتادة على فرس له، وكان تحت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرج دفتاه من ليف ليس فيه أشر وبطر، فطلب العدو فلم يلقوا أحدا، وتتابعت الخيل.
قال: أبو قتادة: يا رسول الله إن العدو قد انصرف، فان رأيت أن نستبق فقال: نعم فاستبقوا فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سابقا ثم أقبل عليهم فقال: انا ابن العواتك من قريش إنه لهو الجواد البحر ” ومنها عدم معلومية السابق، ومنها عدم رجوع العمل للجاعل إلى غير ذلك مما يظهر بأدنى تأمل، على وجه يقطع بخروج هذا العقد عنهما، وكونه عقدا برأسه، وثاني الشهيدين وإن ذكر ذلك هنا احتمالا لكنه جزم بعد ذلك بخروجه عنهما، كالمحقق الثاني وعليه فرع جملة من الاحكام الخارجة عنهما محتجا عليه بأنه عقد برأسه، بل لعل الاصحاب أجمع كذلك، وإن وقع من بعضهم كونه اجارة أو جعالة، إلا أن مرادهم كالاول في اللزوم، والاحتياج إلى القبول، وكالثاني في الجواز، وعدم الاحتياج إلى القبول العقدى، لا أن المراد كونه فردا منهما، ولذا جعلوا له كتابا مستقلا على نحو غيره من العقود، وأثبتوا له أحكاما لا توافق شيئا من العقدين كما هو واضح.
(1) سورة المائدة الاية – 1.
(2) الوسائل الباب – 20 – من أبواب المهور الحديث – 4.
(3) الوسائل الباب – 1 – من أبواب أحكام السبق والرماية الحديث – 2.