جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص155
وسابقه، بناء على انهما من الحبس ولا ينافيه اطلاق الخبرين المزبورين المحمولين على الحبس المطلق، خصوصا وفي سؤال أحدهما ذلك، على أن التعارض بينهما و بين ما ذكرنا من وجه، ولا ريب في أن الترجيح لذلك، ولو لفتوى الاصحاب.
إنما الكلام في لزوم الاول إلى موت الحابس، وجوازه ففي القواعد إن لم يعين كان له الرجوع متى شاء، ومال إليه بعض من تأخر عنه، ولعله لكونه حينئذ كالسكنى المطلقة، بناء على أن جوازها للقاعدة باعتبار عدم اقتضاء عقدها إلا الطبيعة التي تتحقق بالمسمى.
وفيه أن ذلك لما سمعته من النص، والا فمقتضى العقد اللزوم، وصيرورة السكنى مطلقا ملكا له، إذ ليست هي إلا شيئا متحدا، والتعدد إنما يكون في استيفائها، وقد ملكت بالعقد، إلا أن النص المزبور كشف عن أن الحكم فيها شرعا ذلك، فلا يقاس عليهاالحبس خصوصا بعد ظهور الفرق بينهما، بعدم انسياق احتمال إرادة ذلك فيه، بل مقتضى عقده حصول الحبس في المحبوس الذي يحتاج إلى دليل شرعى في فكه، و الوقت ليس من مقوماته.
ومن هنا ذهب وهم ابن أبي ليلى إلى لزومه، وعدم تغييره بموت الحابس، ولولا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقضاء علي (عليه السلام) ” برد الحبيس وانفاذ المواريث ” لكان متجها، بل قد يدعى ظهور الخبرين المزبورين في لزومه إلى موت الحابس، بل لعله مقتضى التدبر في عبارة اللمعة أيضا.
وربما يشهد لما ذكرنا حكمهم بلزوم الوقف المنقطع الآخر إلى موت الموقوف عليهم، فيرجع إلى ورثة الواقف حينئذ، وما هو إلا لاقتضاء عقد الوقف ملك الموقوف عليه المنفعة المقتضى دوامه، ولو بالاستصحاب بل مقتضاه صيرورة المنفعة ارثا، إلا أن النصوص السابقة صرحت برجوعه إلى الورثة.
ومنه يعلم قوة ما تقدم منا من كون الوقف المنقطع قسما من الوقف مشروع في نفسه، لا أنه حبس كما ذكروه، وإلا لاقتضى بطلانه بموت الحابس، ونحو ما سمعته هنا في الحبس المطلق، لا موت المحبوس عليه، بل وكان جائزا على ما ذهب إليه