جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص173
وحينئذ فلابد لعارية المنحة من دليل، وليس إلا الاجماع إن تم، إذ لم نجد في شئ من نصوصنا الدالة عليها.
نعم في التذكره الاستدلال عليها بما عن النبي صلى الله عليه واله وسلم (1) ” العارية مؤداة، و المنحة مردودة، والدين يقضى، والغريم غارم ” وهو مع أنه من طرق العامة لا دلالة فيه الا على مشروعية المنحة التى يمكن استفادتها من السيرة المستقيمة أيضا، وهولا يقتضي كونها عارية، بل لعله ضرب من الاباحة، بل لعل الخبر المزبور ظاهر في كونها ليست من العارية، وأغرب من ذلك الاستدلال عليه بحسن الحلبي عن الصادق عليه السلام (2) ” في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سنة شيئا معلوما أو دراهم معلومة من كل شاة كذا وكذا قال: لا بأس بالدراهم ولست أحب أن يكون بالسمن ” وصحيح ابن سنان (3) ” سأله أيضا عن رجل دفع إلى رجل غنمه بسمن ودراهم معلومة، لكل شاة كذا وكذا في كل شهر، قال: لا بأس بالدراهم وأما السمن فما أحب ذلك الا أن تكون حوالب فلا بأس بذلك ” بتقريب أنه إذا جاز مع العوض فبدونه أولى، إذ هو كما ترى لا يقتضى الجواز عارية، كما أن جوازه مع العوض إما لكونه قسما من الصلح، أو أن ذلك بخصوصه مشروع.
وعلى كل حال فلا دليل سوى الاجماع المدعي إن تم، وظني أنه مأخوذ من معلومية مشروعية المنحة من الفتاوى والسيرة المستمرة لكنه كما عرفت لا يقتضى الجواز عارية، ولعله قسم من الاباحة، وحينئذ يتجه التعدي إلى غير الشاة، كما هو المتعارف في هذا الزمان في البقر، وإلى غير اللبن كالصوف والشعر والوبر، أما على العارية فلا وجه للتعدى المزبور مع مخالفته للضابط السابق، كما لا يتعدى منجوازه عارية إلى جوازه إجارة، بعد اتحادها مع العارية في الضابط السابق، وربما تختص الاجارة بالجواز للرضاع في الانسان بخلاف العارية، فلا يجوز استعارة الامة له حينئذ، وإن جاز استيجارها، وأغرب من ذلك ما عن الغنية في باب الهبة ” ومن
(1) المستدرك ج 2 ص 489 وفيه والدين مقضى.
(2 و 3) الوسائل الباب – 9 – من ابواب عقد البيع وشروطه الحديث – 1 – 4.