جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص157
ومن ذلك يظهر لك ما في التذكرة والروضة والرياض وغيرها خصوصا الاخير منها، والاذن في الانتفاع بأعيان الصديق المفهوم من فحوى الاذن شرعا بالاكل من بيته مع التسليم ليس من العارية قطعا، وإنما هو من الاباحة الشرعية على حسب الحال في غيره من البيوت التى قد تضمنتها الاية (1) نعم قد يستفاد من ذلك التسامح في عقد العارية التى ثمرته اباحة المنفعة التي اكتفى فيها بشاهد الحال ونحوه كما أوما إليه الفاضل في التذكرة فلاحظ وتأمل.
وعلى كل حال فقد ذكر المصنف في تعريفها أنها عقد
ثمرته التبرع بالمنفعة
ويقرب منه ما وقع لغيره، ولكن قد ذكرنا غير مرة أن اكثر التعاريف للاصحاب في أكثر المعاملات يشبه التعاريف اللغوية التى يراد منها التمييز في الجملة لاتمام الاطراد والانعكاس.
فمن الغريب نقض طرد تعريف المصنف هنا بالسكنى والعمرى والحبس والوصية بالمنفعة وأغرب منه التزام الجواب عن ذلك بأنها في معنى العارية، وإن كانت لازمة وغايته إنقسام العارية إلى جائزة ولازمة كالاعارة للرهن، ضرورة كون هذه العقود في الاصطلاح متباينة مختلفة اللوازم والصيغ، فادخال بعضها في بعض بمجرد المشاركة في بعض الخواص اصطلاح مردود، هذا.
لكن في المسالك بعد أن ذكر ذلك قال: ” ولو أضيف إلى ذلك قيد الجواز فقيل: ثمرته التبرع بالمنفعة مع بقاء الجواز ونحوه خرجت هذه العقود، وبقيت السكنى المطلقة، فانه يجوز الرجوع فيها متى شاء السكنى كما سيأتي إنشاء الله، وقد يلتزم فيها بأنها عارية لتحقق المعنى فيها مطلقا، ولا يقدح الصيغة، لان العارية لا تختص بلفظ، بل كل ما دل على تسويغ الانتفاع بالعين تبرعا والسكنى المطلقةتقتضي ذلك، ولكن تبقى العارية اللازمة خارجة، فيحتاج إدخالها إلى قيد آخر أو التزام جواز الرجوع فيها بالنسبة إلى المستعير وإن لم يؤثر بالنسبة إلى المرتهن، وتظهر الفائدة في وجوب السعي على الراهن وتحصيلها بما أمكن، ووجوب المبادرة
(1) سورة النور الاية 61.