جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص56
في المساقاة في صحيح يعقوب بن شعيب (1) وحمله على المقاولة السابقة على المعاملة تكلف من غير ضرورة، ولعله لذا جزم في التذكرة بتحقق عقد المساقاة بلفظ تعهد نخلي بكذا،أو أعمل فيه بكذا، دون المزارعة، لورود النص فيها دونها فإن الاخبار الواردة في المزارعة كما عرفت إنما دلت على الوقوع بصيغة المضارع، وهو خلاف المقصود، إلا أنه لما كان قوله أزرع هذه الارض بكذا صريحا فيها أيضا مع معلومية اتحاد أحكام المزارعة والمساقاة أمكن القول به فيها أيضا، إلا أنه قطع به في المساقاة لما عرفت بل قواه الفاضل الطباطبائي في مصابيحه أيضا، قال: ” لان قول القائل اسق هذا النخل ولك نصف الحاصل مثلا صريح في إنشاء المساقاة، والقصد إلى ايقاع المعاملة بنفس هذا اللفظ كقوله ساقيتك وعاملتك، بخلاف مثل قوله: بعنى مثل هذا وصالحني أو آجرني، فإن المفهوم من ذلك طلب البيع والصلح والاجارة مثلا، دون إنشاء وقوعها، ومثل ذلك ما لو قال ساقنى أو عاملني على هذا النخل، فإنه لا يقع العقد به، لان مقتضاه طلب المساقاة دون وقوعها، ولا يلزم من وقوع العقد بصيغة الامر في الجملة وقوعه بكل أمر، ولا من الجواز في المساقاة الجواز في كل عقد، إذ المدار على صراحة الصيغة في انشاء المعاملة المقصودة، لا على خصوص صيغة معينة، لعدم الوضع الشرعي وانتفاء ما يقتضى التعيين، فمتى تحققت الصراحة المطلوبة صح العقد وإن كان بغير الماضي، وإن انتفت كان العقد فاسدا وإن كان بصيغة الماضي، ألا ترى أن الفقهاء صرحوافي الرهن بجواز مثل ” هذا وثيقة ” أو رهن مع اشتراطهم الماضوية في العقود، وليس إلا لصراحة الصيغة في عقد الرهن، وإن المطلوب في العقود صراحة الالفاظ، وإنما اعتبرت الماضوية فيها لقرب الماضي من الانشاء، وبعده عن احتمال الوعد والطلب، كما في المستقبل والامر على ما صرح به غير واحد منهم، فإذا فرض مساواتها للماضي في الصراحة صح فيها كما صح هو أيضا ” وإن كان لا يخفى عليك ما في هذا الكلام إذا أحطت خبرا بما ذكرناه في غير موضع من هذا الكتاب من أنه إن لم يكن إجماع جاز عقد جميع العقود لازمها وغيره بجميع ما يدل على ذلك من حقيقة أو مجاز بصيغة الماضي
(1) الوسائل الباب 9 – من ابواب احكام المزارعة الحديث – 2.