جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص6
الاجرة، بل هو معنى زارعتك على هذه الارض، أو سلمتك إياها أو سلطتك عليها بالحصة من حاصلها، إذ لا معنى له بدونه، فإن المعاوضات التمليكية لا يتصور فيها عدم ملكية العوضين، أو أحدهما بأحد الوجوه التي ذكرناها، بل قد سمعت ما في خبر يعقوب المسؤل فيه عن المزارعة، فقال: ” النفقة منك والارض لصاحبها فما أخرج الله تعالى من شئ قسم على الشطر ” كغيره من النصوص الظاهرة في كون الارض في المزارعة مملوكة عينا أو منفعة أو انتفاعا، بمعنى اعتبار السلطان على الارض للمزارع، وأرض الخراج وإن كانت غير مملوكة العين ذاتا لكنها قد تملك منفعتها بالاستيجار من السلطان، الذى قد أجرى الشارع ذلك منه مجرى سلطان العدل أو بالتقبيل أو غير ذلك مما يفيد تمليك المنفعة أو الانتفاع، وكذا من سبق إليها فأحياهاوقلنا: إنه بذلك يكون أحق من غيره في الانتفاع بها، فإنه في الحقيقة مالك الانتفاع بها، ولذا يصح له جعل مثل هذه الاحقية ثمنا لمبيع وأجرة في الاجارة إذ هو كالتحجير ونحوه من الحقوق المالية.
وعلى هذا ونحوه خرجت نصوص مزارعة أرض الخراج، لاما إذا لم يكن لاحدهما تسلط على منفعتها، أو الانتفاع بها، فإنه لا خصوصية لاحدهما على الآخر على وجه يكون أحدهما مزارعا والآخر عاملا بل لابد حينئذ في إرادة الاشتراك في نمائها على التساوي، أو التفاضل، من الاشتراك في البذر كذلك، أو غير ذلك من الوجوه والحيل التي ذكرها في المسالك مما هو منطبق على قواعد الاجارة والصلح أو غيرهما، لا المزارعة لفقد تسلط أحدهما على الارض الذي هو ركن في المزارعة، كى يدفعها إلى الآخر بالحصة من حاصلها الذى قد عرفت أنه في المعنى إجارة.
وبذلك كله ظهر أنه لا وجه لمناقشته بما عرفت، وبمخالفته للنصوص السابقة ودعوى ظهور كلامه في اعتبار ملكية العين في المزارعة مقطوع بفسادها، فان القواعد والنصوص والفتاوى صريحة في خلافها، ويبعد خفاء مثل ذلك على مثلالشهيد.