جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص19
فبان من ذلك كله أن ” إذا ” في الآية ظرف على الاصل فيه، وأن الكلام لا ينظم إلا به، والمعنى لا يستقيم بدونه فسقط احتمال خروجها عن الظرفية.
نعم على الظرفيه يحتمل الخروج عن الشرطية بتقدير العامل، وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح نظرتم، أو ابتلوهم حتى تنظروا في وقت بلوغهم النكاح، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم اموالهم.
وهذا وإن صح، وصح الاستدلال به، غير أنه يستدعى تقديرا في الكلام، وخروجا عن الظاهر في ” إذا من تضمنها معنى الشرط في الغالب.
ومن هنا قال الفاضل الطباطبائى: ” الاصوب أن تكون إذا للشرط كما هو الاصل فيها، وجوابها مجموع الشرط والجزاء وهو قوله ” فان آنستم ” وحتى حرف ابتداء وغايتها مضمون الجمله التى بعدها، وهو دفع المال عقيب إيناس الرشدالواقع عقيب بلوغ النكاح، وإنما كان كذلك، لان دفع المال في الايه مشروط بايناس الرشد، فيكون مؤخرا عنه، وهذا الدفع المشروط بالايناس مشروط بالبلوغ فيكون المشروط بشرطه المتقدم عليه متأخرا عن البلوغ الذي هو شرط فيه، وترتب الشروط بحسب الوقوع، ترتيبها في الذكر فانها في الاية قد وقعت على التوالى، ولو تعاكست كان الشرط المتقدم في الذكر مؤخرا في الوجود، والمؤخر في الذكر مقدما في الوجود، فلو أردت نقل المضمون إليه قلت: ” ادفعوا إليهم أموالهم إن رشدوا إن بلغوا ” ولا يصح إن بلغوا إن رشدوا، لانه يقتضى أن يكون الرشد شرطا في البلوغ والامر بالعكس، ومن ثم لو قال قائل لله على نذر إن شربت إن أكلت، فأكل ثم شرب التزم، بخلاف ما لو شرب ثم اكل، ولو عكس انعكس “.
قلت: هو جيد لكن قد يقال: المنساق من الاية أنهما معا شرطان مستقلان في الدفع، لا أن أحدهما شرط في الاخر كالمثال الذي ضربه فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فالمناقشة المزبورة واضحة الدفع، كالمناقشة في أصل حجية مفهوم الشرط، وفي عمومه، وفى خصوص ” إذا ” من أدواته بل وغيرها مما هو ليس بعريق في الشرطية، بخلاف ” إن ” وبأنه لو سلم ذلك كله، فانما يقتضى المفهوم عدم وجوب