جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص17
عرفت، ومقتضاه نفى الاقل.
أللهم إلا أن يقال كما أومأنا إليه سابقا أن البلوغ شرعا هو بلوغ الحلم، فيكون حالة طبيعية مخصوصة في الانسان، بل مطلق الحيوان وجميع ما ذكر علامة له، فهوكاشف عن الوصول إليها حتى السن، فيكون المشتبه حينئذ الموضوع، والمنفي بالاستصحاب الاقل، إذا الاصل عدم بلوغ الحد الكاشف: لكنه خلاف ما عليه الاصحاب من أن السن بلوغ في الشرع، وإن كانت العلة فيه كشفه عن غيره، ومتى كان كذلك فالمشتبه الحكم دون الموضوع، وموضوعية البلوغ لبعض الاحكام لا ينافي كونه حكما، لان الحكم قد يكون موضوعا لحكم آخر، ولا استحاله في ذلك، مع اختلاف الجهة، ومثله كثير.
فالاستصحاب بجميع وجوهه المذكورة حينئذ حجة في المسألة، وإن كان ألصقها بالمدعى، وأغناها عن الضمائم استصحاب عدم البلوغ، فإنه نفي صريح، والمطلوب منه عين المستصحب دون لازمه، والتمسك به لا يتوقف على ضميمة عدم القول بالفصل ونحوه، على أنه من الامور القارة الثابتة كغيره، وإضافته إلى ما يرجع إلى الزمان لا يخرجه عن القرار، فمعنى اصل عدم البلوغ أن الاصل عدم حضور زمان البلوغ، لا بقاء زمان عدم البلوغ، واستصحاب غير القار إنما يلزم لو أريد الثاني، دون الاول.
وقد يتمسك باصل البراءة من التكليف على المطلوب، لا لكونه حادثا منفيا باصل العدم لرجوعه إلى الاستصحاب ولا للاصل الشرعي المستفاد من نحو قولهم (1) ” كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ” (2) و ” الناس في سعة ما لم يعلموا ” وغيرهما،فإن المفهوم من ذلك سقوط التكليف كما يظهر بالتدبر، بل لان التكليف فرع البيان وهو مفقود في محل النزاع، ودعوى – وجود البيان وهو الخطاب العام الصالح لكل مميز – يدفعها أنه مشروط بالبلوغ، ولم يثبت قبل اكمال الخمسة عشر اللهم، إلا أن
(1) الوسائل الباب – 12 – من ابواب صفات القاضى الحديث – 60 -.
(2) لم نقف على هذا النص عنه في مظانه والذى وقفنا عليه مما يوافقه في المعنى وان يحتمل اختصاصه بمورده وهى رواية السفره المروية في الوسائل في الباب 23 من ابواب اللقطة الحديث 1.