جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج25-ص357
إذا شهدت بالتلف كان كمن ثبت له أصل مال واعترف الغريم بتلفه، وادعى مالا غيره فانه يلزمه اليمين) وأفتي في موضع آخر منها بأنه لا يمين في الموضعين محتجا بأن فيه تكذيبا للشهود، ولقوله صلى الله عليه وآله (1) (البينة على المدعي واليمين على المنكر) والتفصيل قاطع للشركة.
ثم قال: (إن تلخيص الحكم في ذلك لا يخلو من اشكال، والفرق لا يخلو مننظر، وذلك لان شهود تلف ماله إما أن تكون شهادتهم على تلف المال الظاهر لهم من غير معرفة لهم بحال باطن أمره، بحيث يحتمل أن يكون له مال آخر لم يتلف، كما هو الظاهر من قول الجماعة وتعليلهم المسألة وتصريحهم بعدم اعتبار كونهم من أهل الخبرة بحاله، ويشكل مع هذا ثبوت اعساره، لان حاله بالنسبة إلى المال باطنا مجهول مطلقا، حتي لو فرضنا أن هذا المال الظاهر لم يكن له لم يناف ثبوت ماليته باطنا، والحال أنه لم يختبر، وإن أرادوا – بعدم اعتبار إطلاعهم على باطن أمره أن الحاكم لا يعتبر اطلاعه على ذلك، مع ان اطلاعهم معتبر في نفس الامر اتكالا على عدالتهم، وأن العدل لا يجازف في شهادته كما صرح بهذا المعنى بعض الاصحاب اشكل الفرق بين الامرين، لان ذلك آت في الشهادة على مطلق الاعسار وتحويلها نحو الاثبات لئلا يتمحض النفى غير متوقف على هذا الشرط، فإن مرجعه إلى تحرير شهادتهم، لا إلى علمنا بإخبارهم، وحكم اليمين متفرع على ما قررنا، فإن اكتفينا في بينة التلف بالاطلاع علي ظاهر ماله، فلابد من القول باليمين، لانه يصير بهذه البينة كمن لا يعلم له أصل مال مع احتماله، ويتوجه عدم الافتقار إلى اليمين في بينة الاعسار المطلعة علي الحال، لان ذلك أقصى ما يمكن اعتباره شرعا في التفحص، فلا يكلفمع البينة أمرا آخر، لاصالة البراءة أو لظاهر الخبر، وإن اعتبرنا اطلاع بينة التلف علي باطن أمره كما ذكره بعضهم توجه عدم اعتبار اليمين معها لما ذكرناه.
ويمكن أن يوجه كلام الجماعة الدال على عدم اعتبار الخبرة الباطنة في شهادة التلف لا بالنظر إلى الحاكم، ولا بالنظر إلى الشهود بأن هذا المديون لما كان يعرف
(1) المصدر نفسه