جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج22-ص358
إذ من الواضح ارادة الواقف من الوقف تأبيد حبس العين وإطلاق المنفعة، وبذلك كان من الصدقة الجارية، التي ورد الحث عليها (1) وانها من التي لا ينقطع عمل ابن آدم منها بعد موته، بل الظاهر ان التأبيد المزبور من مقتضيات الوقف ومقوماته، كما أن نفي المعاوضات على الأعيان مأخوذ فيه ابتداء، خصوصا بعد ملاحظة تعلق حق الاعقاب به، بل يمكن دعوى ضرورية ذلك من أعوام المتشرعة، فضلا عنعلمائهم، ومن هنا اتفق الأصحاب على أن الأصل فيه المنع، وإن اختلفوا فيما خرج عنه بالدليل أو بزعمه بل في السرائر نفي الخلاف عن عدم جواز بيعه إذا كان مؤبدا، ونزل خلاف الأصحاب في المنقطع منه، ولعله لما عرفت، بل منه يعلم عدم جواز الانقطاع في الوقف، وأنه إن وقع منقطعا يبطل أو يقع حبسا كما تعرفه في محله إنشاء الله خلافا لبعضهم فجوزه وقفا، كما يأتي تحقيقه إنشاء الله في محله والذي يقوى في النظر بعد امعانه، أن الوقف ما دام وقفا لا يجوز بيعه، بل لعل جواز بيعه مع كونه وقفا من المتضاد، نعم إذا بطل الوقف إتجه حينئذ جواز البيع، والظاهر تحقق البطلان فيما لو خرب الوقف على وجه تنحصر منفعته المعتد بها منه في إتلافه، كالحصير والجذع ونحوهما مما لا منفعة معتد بها فيه إلا باحراقه مثلا، وكالحيوان بعد ذبحه مثلا وغير ذلك، ووجه البطلان حينئذ فقدان شراط الصحة في الابتداء المراعى في الاستدامة بحسب الظاهر، وهو كون العين ينتفع بها مع بقائها، كما أنه قد يقال بالبطلان ايضا في انعدام عنوان الوقف فيما لو وقفبستانا مثلا ملاحظا في عنوان وقفه البستانية، فخربت حتى خرجت عن قابلية ذلك، فانه وإن لم تبطل منفعتها أصلا لامكان الانتفاع بها دارا
(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احكام الوقوف والصدقات