جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج21-ص50
الظاهر في الوجوب وإن كان قد يناقش بأن الامر بمقاتلتهم غير الامر بالبدأة بقتالهم، فتبقى العمومات حينئذ بحالها، نعم يتجه إرادة التأكد فيهم كما في كل عام أمر ببعض أفراده بالخصوص بعد الامر بالعموم، ومن هنا صرح المقداد بالندب الذي يشعر به التعبير بالاولى وبنبغي، بل يمكن إرادته من غيرهم أيضا، ولعله لكونه مقتضى السياسة أيضا، نعم إذا كان الابعد أشد خطرا وأكثر ضررا بدء به كما صرح به الفاضل والشهيدان وغيرهم، بل لا أجد فيه خلافا، ولذا أغار النبي صلى الله عليه وآله (1) على الحارث بن أبي ضرار لما بلغه أنه تجمع له، وكان بينه وبينه عدو أقرب منه، وكذا فعل بخالد بن سفيان الهذلي (2) أو كان الاقرب مهادنا كما صرح به أيضا غير واحد أو منع من مقاتلة الاقرب مانع، وبالجملة ينبغي مراعاة المصلحة في ذلك، وهي مختلفة باختلاف الاحوال، ومنه يعلم حال الاقرب فالاقرب فان ذلك من أحكام السياسة التي ترجع إلى نظر الامام عليه السلام ومأذونه
و
لذا
يجب
على الامام عليه السلام ومنصوبه
التربص إذا كثرالعدو وقل المسلمون حتى تحصل الكثرة للمقاومة ثم تجب المبادرة
كما في القواعد، ولكن في التحرير يستحب له أن يتربص بالمسلمين مع القلة ويؤخر الجهاد حتى يشتد الامر بالمسلمين، ولعل المراد حال آخر غير المفروض ثم إن الكثرة المقاومة تختلف باختلاف الحال، وقال عمر بن أبي نصر (3) ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: خير الرفقاء أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير العساكر أربعة آلاف، ولا تغلب
(1) و (2) سنن البيهقي – ج 9 ص 38.
(3) الوسائل – الباب 54 من ابواب جهاد العدو الحديث 1 عن عمرو بن أبى نصر.