جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج17-ص81
لمعارضة ما عرفت، فتأمل، كالمحكي عن ابن ادريس من الاستدلال بأن التتابع ان يصوم الشهرين، ولقد أجاد في محكي المنتهى في رده بقوله: نحن نمنع ذلك لما ثبت في حديث الحلبي عن الصادق (عليه السلام) ” ان حد التتابع ” الى آخره، وحينئذ لا يتوجه الخطاب الى المكلف، وقول الصادق (عليه السلام) أولى بالاتباع من قول ابن ادريس، وهو كما قال إلا ان الاحتياط مع ذلك لا ينبغي تركه، لعدم ثبوت ذلك عن الصادق (عليه السلام) بطريق التواتر، وعدم القطع بكون المراد منه ذلك، نعم هو حجة شرعية للفتوى التي لا تنافي أولوية الاحتياطكما هو واضح، هذا.
وظاهر الفتاوى بل ومعاقد الاجماعات عدم الفرق في الحكم المزبور بين النذر وغيره، لكنه لا يخلو من إشكال باعتبار انسباق غيره من النصوص وشدة مخالفة الحكم فيه للضوابط، خصوصا مع تصريح الناذر بالتتابع ستين يوما بل ومع إطلاقه بناء على ظهوره في ذلك، ضرورة عدم الحقيقة الشرعية لتتابع الشهرين، وكشف النصوص للمراد بالخطابات الشرعية لا تقتضي التعدي الى الخطابات العرفية التي من المعلوم كون المرجع فيها العرف، ولعله لذا قصر بعض مشايخنا الحكم على غير النذر ونحوه، وهو جيد، اللهم إلا ان يكون الناذر علق مراده بالمراد الشرعي مما وقع فيه ذلك، أو ان الشارع قد كشف كون المراد واقعا بهذا الخطاب ذلك وان زعم صاحبه خلافه، والحكم الشرعي يتبع الواقع الذي هو المقصود بالخطاب، وتخيل ذي الخطاب كون الواقع غير ذلك لا مدخلية له بعد ان لم يكن مقصودا له بالخطاب كما حررناه في محله، وحينئذ فيتجه إطلاق الاصحاب، نعم يخرج منه ما لو صرح الناذر بتتابع الايام، ولعله غير مندرج في كلامهم، فتأمل جيدا فانه دقيق نافع، والله اعلم.