پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج16-ص357

وعلى كل حال فلا ريب في سقوطهما في مقابلة ما عرفت، لكن أطنب في الحدائق وظن انه قد جاء في الباب بما لم يلم به احد من الاصحاب، وهو الجمع بين هذين الخبرين وبين غيرهما من النصوص الدالة على الاجتزاء بشهادة الشاهدين بأنه لابد من العلم مع عدم العلة من الغيم ونحوه، ولا يجزي التظني وإن كان من شهادة العدلين، وهذا هو الذي أشاروا (عليهم السلام) إليه بقولهم (1): إذا رآه الواحد رآه عشرة، وإذا رآه عشرة رآه مائة، وليس معنى رؤيته ان يقوم واحد من العشرة فيقول: رأيته يقول التسعة لم نره، نعم لو كان هناك غيم أو نحوه اجتزي بالشاهدين، لامكان اختصاصهما حينئذ بالرؤية دون غيرهما، بل لعل اعتبار كونهما من خارج البلد جريا مجرى الغالب، لانهما لو كاناقد رأياه وهما من اهل البلد لرآه غيرهما ايضا بخلاف الخارجين، كما ان اعتبار الخمسين في الخبرين ليس إلا لارادة حصول العلم، ونصوص الاجتزاء بالشاهدين ليس فيها إلا الاهمال المتحقق في حال الغيم، وعلى تقدير الاطلاق فهو مقيد بالخبرين المزبورين، إلا أن ذلك جميعه كما ترى، إذ هو مع إمكان تحصيل الاجماع المركب بخلافه واضح الضعف من وجوه، خصوصا بعد ما عرفت من أن مبنى تلك النصوص الانكار على ما هو متعارف عند العامة من الشهادة على الهلال زورا، وانه يجئ الواحد منهم فيقول: رأيته من بين الجم الغفير، بل ربما ادعى رؤيته في غير إمكانها كما لا يخفى على من له علم بأحوالهم وفساد مذهبهم فخرجت هذه النصوص مخرج الانكار عليهم لا لبيان عدم الاجتزاء بالشاهدين العدلين اللذين قد اكتفى الشارع بهما في جميع الموضوعات التي فيها ما هو أعظم من رؤية الهلال بمراتب كالدماء ونحوها، فلا ينبغي التوقف في ذلك ولا الاطناب في فساد ما يخالفه.

(1) الوسائل – الباب – 11 – من أبواب أحكام شهر رمضان – الحديث 10 و 11