جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج15-ص332
ما نحن فيه من الاجتهاد في كون المدفوع إليه مؤمنا مثلا ثم بان أنه مخالف، ولا يستفاد منه حكمه لا بالفحوى ولا بغيرها، ومن ذلك كله ظهر لك قوة ما ذهب إليه المفيد وأبو الصلاح من الضمان مطلقا، ودعوى منافاته لسهولة الملة وسماحتها وكون الفقير من الموضوعات الخفية التي لا يكلف فيها بالواقع يدفعها أن المنافي لها أيجاب الدفع للمتيقن فقره في الواقع إذا قلنا بأن له الدفع، أما لمن ظاهره الفقر ولو بدعواه بل وإن لم يدع بناء على اعتبار الأصل فيه ولكن يضمن إذا ظهر الخلاف فلا منافاة فيه، كما هو واضح.
(وكذا) الكلام فيما (لو بان أن المدفوع إليه كافر أو فاسق أو ممن تجب نفقته أو هاشمي وكان الدافع من غير قبيله) لاتحاد الجميع فيما تقدم من الأدلة، لكن قد يظهر من بعض متأخري المتأخرين إطباق الأصحاب هنا على عدم الضمان مطلقا، وكأنه أخذه مما في المختلف من الاجماع على الاجزاء فيها، إلا أنه يمكن أرادته الاجماع من الخصم، لأنه ذكره في الرد على أبي الصلاح بعد ما حكى عنه الفرق بين الفقير والغنيعلى أنه يمكن منعه عليه بالتتبع حتى عند المتأخرين، فان ظاهر الدروس وغيره ممن جعل المدار على الاجتهاد عدم الفرق بين سائر الشرائط، وما ذكرناه من الكلام بعينه آت في المقام خصوصا بعد أن لم يذكروا له دليلا سوى قاعدة الاجزاء التي قد عرفت ما فيها سيما في المقام الذي هو كالدين وكالأمانة ونحوهما مما لا يسقط الاعادة عن المكلف بهما الأخذ بالطرق الشرعية الظاهرية.
وكيف كان فقد استثنى غير واحد من ذلك ما لو بان أن المدفوع إليه عبد للمالك فان الاعادة فيه واجبة مطلقا، لان المال لم يخرج عن ملك المالك بذلك، فجرى مجرى عزلها من غير تسليم، وأشكله في المدارك بأن ذلك بعينه آت في سائر الصور، فان غير المستحق لا يملك الزكاة في نفس الأمر سواء كان عبدالمالك أو غيره، والجواب عن الجميع واحد، وهو تحقق التسليم المشروع المقتضي للاجزاء، وفيه أنه يمكن الفرق