جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج15-ص299
المسكنة بمعنى الذلة، فحيث يستعمل في غير الغني يراد منه تمام مصداق الفقير، كما يؤمي إلى ذلك إطلاقه في الخمس والكفارة وغيرهما، فان من لاحظ أخبار الخمس مع التأمل الصادق علم أرادة الفقير من المسكين على وجه لا يخص الخمس، بل إنما هو من حيث ذل الفقر، وكفى به ذلا، فهو متحد المصداق حينئذ مع الفقير حال استعماله في هذا المعنى، وقد يستعمل في معنى آخر للذل من جهة أخرى تجامع الغنى والثروة، لكن لا مدخلية له في مقامنا، وقد ظهر من ذلك وجه اندراج كل منهما في الآخر حال الانفراد، وأنه ليس للترادف المصطلح، بل للاتحاد في المصداق وإن تغاير بالمفهوم، أما مع الاجتماع فوجود لفظ الفقير قرينة صارفة عن عدم أرادة مصداقه من لفظ المسكين لأصالة التأسيس بالنسبة إلى التأكيد، ولما عرفته حينئذ من نص الأكثر على التغاير، والأصل بقاء لفظ الفقير على حقيقته، فليس حينئذ بعد كون المراد من المسكين ذا الذلة من حيث عدم الغنى إلا أن يراد من المسكين ذلة خاصة تنطبق على بعض أفراد الفقير، وهي إظهار شدة الحاجة بالسؤال ونحوه، كما أو مأ إليه العالم (عليه السلام) فيما أرسله عنه في المحكي من تفسير علي بن أبراهيم (1) فقال: ” الفقراء هم الذين لا يسألون لقول الله تعالى – في سورة البقرة (2) – ” للفقراء الذين أحصروا في سبيل ” إلى آخره، والمساكين هم أهل الديانات قد دخل فيهم النساء والصبيان ” مراده (عليه السلام) بالديانات المذلات، فان الدين الذل، والصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير أوحسنه (3) قال: ” قلت له: قول الله تعالى (4): ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين “
(1) و (3) الوسائل – الباب – 1 – من أبواب المستحقين للزكاة – الحديث 7 – 3 مع الاختلاف في الأول (2) الآية 274 (4) سورة التوبة – الآية 60