جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج13-ص284
بالترك، ومع ذلك كله فمن المستبعد جدا أو الممتنع أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وغيرهما من القضاة والحكام الذين لا انقطاع لامور الخصومات والحدود في زمانهم، بل لعلها في اليوم الواحد تتكرر عند الشخص الواحد منهم مرات كانوا يبحثون وينقرون ويفتشون كما يصنعه المتأخرون من أصحابنا وخفي على من ذكرنا من قدماء أصحابنا كابن الجنيد والمفيد والشيخ، حتى أن الشيخ حكى أجماع الفرقة وأخبارهم على ذلك، هذا.
لكن لا يخفى عليك أن هذا الاصل غاية ما يمكن تسليم مقتضاه حمل ما يقع من المسلم من ذي الوجوه قولا أو فعلا على الوجه الصحيح منها، وأنه لا يجوز التفتيش عن ما يقتضي فساد فعله، بل يغض السمع والبصر ويحمل على الحسن ما لم يكن الفعل والقول نصا في الفساد أو ظاهرا فيه على الاقوى، وإلا لم يمكن الجرح إلا نادرا، لا أن مقتضاه أن لا يقع منه ما يقتضي الفسق وما لا وجه له إلا هو، وملاحظة الاخبار بالنسبة للطهارة والنجاسة والذبايح والمناكح ونحوها من المعاملات والعبادات لا تفيد أزيد من ذلك، ولا ينافيه رد شهادته حيث يشهد وإن كان الاصل يقتضي أن لا تكون زورا، لكن ذلك في نفسه لو علم لا يكفي في قبول الشهادة، لاحتمال الوهم والنسيانوالدخول إليها بمدخل شرعي فاسد وإن كان معذورا فيه، على أن اشتراط العدالة فيها تعبدي يرتفع أثر هذه الاحتمالات عندها، فمورد أصل الصحة حينئذ الفعل المعلوم أنه محتمل في نفسه لوجوه متعددة، لا المحتمل أنه من المحتمل، وإلا فقد يكون هو في نفسه مما لا يحتمل إلا الفساد، فتأمل.
ودعوى أنه كما أن الاصل حمل فعل المسلم على الوجه الصحيح كذلك الاصل في المسلم أن لا يخل بواجب ولا بترك محرم ولذا لا يلتفت إلى الشك في شئ من الواجبات الموقتة بعد فوات وقتها ممنوعة، وعدم الالتفات المزبور للدليل، ولو سلم كل