جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج11-ص224
وتبصرة إن كنتم تعقلون، ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقينمنكم لا يقفون قال الله تبارك وتعالى: ” وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ” (1) وقال: ” كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ” (2) أو لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى، فميت يبكي، وآخر يعزى، وصريع يتلوى، وعائد معود، وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضين يمضي الباقي، والحمد لله رب العالمين رب السماوات السبع ورب الارضين السبع، ورب العرش العظيم الذي يبقى ويفنى ما سواه، واليه يؤول الخلق ويرجع الامر، ألا أن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا، وهو سيد أيامكم، وأفضل أعيادكم، وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره، فلتعظم رغبتكم فيه، ولتخلص نيتكم فيه، وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فان الله عزوجل يستجيب لكل مؤمن دعاه، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته، قال الله عزوجل: ” ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” (3) وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه، والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والاعمىوالمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين، غفر الله لي ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، إن
(1) سورة الانبياء (عليه السلام) – الاية 95 (2) سورة آل عمران – الآية 182 (3) سورة المؤمن – الآية 62 الجواهر – 28