جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج11-ص180
الآن كما عرفت، ولا دليل على الفرق بين الظهور والغيبة حتى يشترط الاذن عند الظهور دون الغيبة، وما يتوهم من أن الفقهاء مأذونون لاذنهم في القضاء والفتيا وهما أعظم فظاهر الفساد، للزوم تعطل الاحكام وتحير الناس في أمور معاشهم ومعادهم وظهور الفساد فيهم واستمراره إن لم يقضوا أو يفتوا، ولا كذا الجمعة إذا تركت، وأيضا إن لم يقضوا ويفتوا لم يحكموا بما أنزل الله وكتموا العلم وتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرمة الجميع مقطوعة ضرورة من الدين، وإن صلوا الجمعة قاموا مقام الامام وأخذوا منصبة من غير إذنه، وإن سلمنا الاذن في بعض الاخبار فهو مظنون كما حصل في سائرالجماعات، وجواز الاخذ به هنا ممنوع لانه أخذ لمنصب الامام وائتمام بمن أخذه، فما لم يحصل القطع بالاذن كما حصل في سائر الجماعات لم يجز شئ منهما كسائر مناصبه، ولانه لا ضرورة تدعو إليه كما تدعو الضرورة إلى اتباع الظن في أكثر المسائل، للاتفاق على وجوب الظهر إذا لم يحصل الاذن لاحد في إمامة الجمعة، فما لم يقطع به يصلي الظهر تحرزا عن غصب منصب الامام والاقتداء بغاصبه وفعل عبادة غير مشروعة، خصوصا وظاهر الاصحاب وصريح الفاضل الاجماع على أن الجمعة إنما تجب في الغيبة تخييرا، ففعلها مردد بين الجواز والحرمة، وكل أمر تردد بينهما وجب الاجتناب عنه حتى يعلم الجواز، وهو ضروري عقلا ودينا، وغاية الامر أن يتردد فعلها بين الوجوب عينا والحرمة، والواجب في كل أمر كذلك أيضا الاجتناب، لان الاصل عدم الوجوب، والناس في سعة مما لا يعلمون، فالتارك لاحتمال الحرمة والجهل بالوجوب معذور، بخلاف الفاعل لاحتماله الوجوب أو ظنه مع احتمال الحرمة.
لا يقال: الاربع ركعات أيضا مترددة بين الوجوب والحرمة إن قلنا بتعين الجمعة ركعتين لا التخيير بينهما، لانا نقول: نعم ولكنا مضطرون إلى فعل أحدهما متحيرون إذن في الترجيح، فاما أن يتأمل حتى نرجح إحداهما أو نأتي بهما جميعا، وإذا تأملنا