جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج11-ص177
وأوضح منهما فسادا الاستدلال بالاستصحاب: أي وجوب الجمعة حال حضور الامام أو نائبه ثابت باجماع المسلمين فيستصحب إلى زمن الغيبة وإن فقد الشرط المدعى إلى أن يحصل الدليل الناقل عن ذلك الحكم، وهو منتف، وفيه مضافا إلى ما عرفتمن الاجماع على اشتراط الوجوب به حال الحضور، حتى أن الشهيد الثاني الذي هو عمدة الخصوم سلم ذلك فيه، فالاستصحاب وقاعدة المشاركة تقتضي السقوط حينئذ، لانتفاء الشرط أولا، وأنه لا يصلح لنفي الشرطية في الصحة بناء على إجمال العبادة إن كان المراد به ذلك، كاصالة عدم الشرطية، وثانيا أن الحكم قد تعلق بالحاضرين الواجدين للشرط، فاستصحابه بحيث يثبت الحكم على غيرهم غير معقول، وإن أريد به أن مقتضى الاستصحاب ثبوته في حق الحاضرين على تقدير فقدهم الشرط ففيه أنه لا معنى لاستصحاب الحكم المتعلق بهم المحتمل لكونه مشروطا عندهم، ونفي الشرطية بالنسبة إليهم باطلاق الادلة خروج عن التمسك بالاستصحاب، ومع الاغضاء عن ذلك فقد عرفت ما لا يصلح الاستصحاب لمعارضة بعضه فضلا عن جميعه.
وأوضح من ذلك فسادا ما في رسالة ثاني الشهيدين من الاستدلال له باصالة الجواز، قال: ” فانا لم تجد على التحريم دليلا صالحا كما سنبينه، والاصل جواز هذا الفعل بالمعنى الاعم المقابل للتحريم الشامل لما عدا الحرام من الاقسام الخمسة، ثم الاباحة من الامور الاربعة منتفية بالاجماع، على أن العبادة لا تكون متساوية الطرفين، وكذا الكراهة بمعنى مرجوحية أحد الطرفين مطلقا من غير منع من النقيض، فبقي من مدلولهذا الاصل الوجوب والاستحباب، فالثابت منهما أحدهما، لان الاستحباب أيضا منتف بالاجماع، على أنها لا تقع مستحبة بالمعني المتعارف، بل متى شرعت وجبت، فانحصر أمر الجواز في الوجوب، وهو المطلوب ” وهو من غرائب الكلام يقبح بالانسان التصدي لبيان بطلانه، بل هذا منه مما يؤيد ما ذكرنا من وقوع هذه الرسالة منه في