پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج7-ص332

للجرم من بعد، اما مع غيبوبته عن البصر بسبب زيادة البعد فلا مقابلة صورية يتحقق بها صدق الاستقبال عرفا، إذ من الواضح ان المقابلة المزبورة ليست وهمية محضة تحصل بسبب الابصار واتصال شعاع البصر، بل هي شئ متحقق في نفس الامر يحصل تصوره مع فرض قطع النظر عن الابصار اصلا، فيكفي في الصدق عرفا تقدير الابصار، بمعنى انها تصدق المقابلة بمجرد فرض فضاء الكعبة المتصل إلى عنان السماء مما يرى ويشاهد، كما هو واضح بأدنى تأمل، بل ربما ادعي امكان مشاهدته من جهة علوه وارتفاعه واتصاله بعنان السماء، إلا انه لا يشخص لاشتباهه في غيره، فوضعت هذه العلامات لتمييزه منبينها ولو على جهة الظن، فهو حينئذ كالمشاهد المستقبل من بعد وإن كان فيها ما فيها.

وعلى كل حال فليس المدار حينئذ في القريب والبعيد الا استقبال الكعبة التي لم يقبل الله من احد توجها إلى غيرها، نعم لما كان البعيد بسبب زيادة البعد وغيبوبة المستقبل عن المشاهدة لم يكن له طريق إلى احراز هذه المقابلة اي مقابلة البعيد من حيث كونها مقابلة بعيد التي قد عرفت عدم اعتبار اتصال الخطوط فيها الا باستعمال الامارات الهيئية، لانحصار حصول الظن الواجب مراعاته بعد انتفاء العلم بسبب الامر بتحري القبلة على حسب الجهد والطاقة غالبا بها، فهي حينئذ بالنسبة الينا لا تفيد إلا الظن في حصول الجهة بمعنى المقابلة المزبورة، ولعلها كذلك لاهلها ايضا، ضرورة توقفها على إرصاد وإعمال لا يأمن الخطأ فيها مستعملها، نعم ربما يحصل العلم للمتوغل في معرفتها الامن على نفسه الخطأ في كيفية الاستعلام بها، كما انه ربما يحصل العلم بالجهة المزبورة بفعل المعصوم المعلوم تنزيهه عن الخطأ في تحصيل الجهة المذكورة، لما فيه من النقص المنفر للطباع عنه، كالتحير في تحصيل القبلة، ويكفي في النقص عليه معرفة خطأه في ذلك ولو عند علماء الهيئة العارفين في تحصيل الجهة، وكيف يجوز عاقل قصور سلطان الخلق عن معرفة بعض ما عند رعيته، وربما ادى ذلك إلى السخرية عليه والاستخفاف