جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج7-ص222
الليل) فإنه وان اختلف في ارادة العصر أو المغرب من أحد الطرفين إلا ان ارادة الصبح من الطرف الآخر لا خلاف فيها بين المفسرين ولا اشكال، كما انه لا اشكال في دخول طرف الشئ فيه، فيتحقق حينئذ ان الفجر طرف النهار الاول، إذ احتمال إرادة طلوع الشمس منه واطلاقه على زمان صلاة الصبح مجازا للقرب والمجاورة – كما اطنب فيه الامام الرازي، بل لعله يكون شاهدا لمذهب ابي حنيفة من اعتبار التنوير في صلاة الفجر الذي هو أقرب من غيره في التجوز باطلاق الطرف عليه، بل اولى منه، لانه اقرب من احتمال ارادة المضيق من زمن صلاة الفجر مجازا ايضا للمجاورة بقرينة الامر الذي لا يتم ارادة الوجوب منه على التعيين إلا بذلك واثبات الصحة حينئذ في غيره لدليل آخر – كما ترى، ومما سمعت تظهر الدلالة في قوله تعالى (1): (ومن آناء الليل فسبح واطراف النهار) خصوصا مع ملاحظة المقابلة، وان المراد من التسبيح الصلاة، وقوله تعالى (2): (سلام هي حتى مطلع الفجر) كما اعترف به غير واحد من المفسرين، وهو المنساق، إذ احتمال جعل الغاية تقييدا لاخراج بعض الليلة لا ينبغي ان يصغى إليه،وقوله تعالى (3): (والليل إذا ادبر
والصبح إذا اسفر) ضرورة اقتضاء المقابلة خروج الصبح عن مسمى الليل، مع ان الظاهر ارادة القسم بوقت واحد الذي هو ادبار الليل واقبال الصبح، لتلازمهما أو ترادفهما، كما يؤمي إليه ما عن الرازي في قوله تعالى (4): (والليل إذا عسعس
والصبح إذا تنفس) فلاحظ وتأمل ليظهر لك ان الآية الاخرى دليل آخر على المطلوب سواء أريد من (عسعس) الاقبال أو الادبار، وقوله تعالى (5): (قل ارأيتم ان اتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون) لما ستعرف
(1) سورة طه – الاية 130 (2) سورة – القدر الاية 5 (3) سورة المدثر – الاية 37 و 38 (4) سورة التكوير – الاية 17 و 18 (5) سورة يونس عليه السلام – الاية 5