جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص353
فيها، وعن البيضاوي أنه اعترض عليه بأنه لا معنى لاستصحاب الاول بعد العلم بانقطاعه فأجاب عنه بأن المراد لازم الاستصحاب، أي البناء على مثل الحال الاول، وربما أورد عليه بعضهم أيضا بأنه يجوز تعاقب الطهارتين كما أنه يجوز تعاقب الحدثين، وفيه أن ما سمعته من عبارته كالصريحة في إرادة كون الطهارة رافعة والحدث ناقضا، واحتمال التعاقب المذكور ينافي ذلك، نعم قد يرد عليه أنه حينئذ لا معنى لتسمية نحو ذلك استصحابا، لان من اليقين حنيئذ وقوع الطهارة مثلا بعد الحدث حتى يتم ما ذكره منكونها رافعة، أللهم إلا أن يريد بالحدث المتيقن جنسه لا عدده، فيحتمل وقوع حدث بعد الطهارة الرافعة وان تيقن حصول حدث قبلها، فينفي ذلك بالاستصحاب الذي ذكره.
نعم لا يتم ما ذكرناه من التوجيه في نحو عبارة القواعد بقوله فيها: ” ولو تيقنهما متحدين مثلا متعاقبين وشك في المتأخر فما لم يعلم حاله قبل زمانهما تطهر، وإلا استصحبه ” لتقييده بالاتحاد، ومراده بالتعاقب كون الحدث بعد الطهارة والطهارة بعد الحدث، وعلى كل حال فلا ريب في خروج ما ذكره من موضوع ما نحن فيه.
إذ مآله إلى معرفة السابق من اللاحق، فلا معنى لجعله قولا في المسألة، وكأنه انما ذكره لكونه في بادئ الرأي قبل التفات الذهن منها وإن كان بعد التفاته يخرج عنها، والامر سهل، وربما يظهر من ملاحظة كلامه في المنتهى أنه لم يقصد من ذلك خلافا، بل ذكره مخافة أن يتوهم أنه منها، هذا.
وقد ذكر بعض متأخري المتأخرين أنه لابد من تقييد إطلاق الاصحاب المتقدم بما إذا لم يعلم تأريخ أحدهما، أما إذا علم وجهل فانه يحكم بتأخر المجهول طهارة كان أو حدثا، واختاره سيد الكل في منظومته، وكان وجهه إصالة تأخر الحادث، فيحكم حنيئذ بتأخر المجهول إلى زمان القطع بعدم الوجود فيه، لكنه لا يخلو من نظر،لان إصالة التأخر انما تقتضي بالتأخر في حد ذاته، وهو لا يجدي حتى يثبت كونه متأخرا عن الحدث ومسبوقيته به، وإثبات نحو ذلك بالاصل ممنوع، إذ الاصل حجة في النفي