جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص118
بكل دليل كما يكتفى بذلك في قطع الاصول ونحوها، بل لابد من دليل أقوى من ذلك الظهور، حتى نقل عن بعضهم عدم القول بالتداخل رأسا في المقام، ترجيحا لذلك على أخبار المقام، لكن الاقوى خلافه، لكونها معتبرة الاسانيد منجبرة بالشهرة بل بالاجماع في بعض الصور، فحينئذ يجب الاقتصار على مدلول ذلك الدليل لا يتعدى منه، ومن المعلوم هنا ان الدليل لم يكشف عن أن المطلوب في المقام طبيعة الاغتسال، بل أقصى ما دل انه يجتزى بغسل واحد عن الجميع، وهو إن لم يكن ظاهرا في عدم ذلك لم يكن ظاهرا فيه فلا يصدق حينئذ على المغتسل غسلا واحدا بنية الجميع انه امتثال لتلك الاوامر، نعم جعله الشارع بمنزلة ذلك، فهو غسل جنابة وحيض شرعا لا عرفا، بمعنى انه واحد اجتزي به عن متعدد شرعا، وجعله الشارع بمنزلتهما فيجتزي به حينئذ عن الوضوء لكونه بمنزلة غسل الجنابة، لا أنه غسل جنابة حقيقة، كما أنه لما كان الظاهر من الاخبار ان ذلك رخصة لا عزيمة كان المكلف بالخيار بين الاتيان بفعلين أو بفعل واحد ناويا به الاجتزاء عنهما.
وليس من باب التخيير بين الاقل والاكثر، لانا نشترط في الاجتزاء عن الجميع نية الجميع، إذا علمت ذلك فلا يقدححينئذ الاجتزاء بالواحد عن الواجب والمندوب، ولا معنى للاشكال فيه بانه كيف يكون الواحد واجبا مندوبا كما تسمعه في القسم الثالث، وتمام الكلام هناك إن شاء الله تعالى وأما إن كان المنوي رفع الحدث من حيث هو من غير ذكر لتفصيل الاسباب فالمشهور كما صرح به من عرفت سابقا الاكتفاء به، ولا حاجة إلى التعدد، أخذا بما سمعت من إطلاق الادلة المتقدمة، وقد صرح جملة من هؤلاء بعدم الحاجة إلى الوضوء، وقد يشكل بانه لا يصدق عليه حينئذ انه غسل جنابة لعدم نيتها، فكيف يكتفى به عن الوضوء، ويندفع بانه يصدق عليه ذلك وإن لم ينوه، لانه لما نوى رفع الحدث من حيث هو وكان في جملته حدث الجنابة كان غسل جنابة وغسل غيرها شرعا بهذه النية وإن لم يذكرها تفصيلا كما عرفت، فان قلت: ان نية التعيين لا إشكال في اشتراطها،