جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص26
به في المعتبر والمنتهى، وقد يشعر به قوله (صلى الله عليه وآله) (1) في العظم والروث: ” أنهما لا يطهران ” ان لم يرد بها النقاء ونحوه ولو مجازا.
كما لعله الظاهر منه، وقوله (عليه السلام) (2): ” يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ” بل سائر ما دل على الاستجمار ومساواته الماء في حصول الطهارة، إذ ليس ذلك بأبعد من التزام طهارتها في الحالين، كما يلتزم به المعترض، ودعوى أن المدار على النقاء، فان حصل بدون إذهاب هذه الاجزاء فليجتز به في المقامين، وإلا فلا يجتزى به فيهما يدفعها أن النقاء لكل شئ بحسبه، فنقاء الاحجار للسيرة والطريقة وحصول العسر والمشقة إزالة العين دون الاثر، بخلاف الماء، فانه بازالة الآثار كما في سائر النجاسات، وما نقله من قول النبي(صلى الله عليه وآله): ” لا يضر أثر الدم ” فليس المراد به ما نحن فيه قطعا، بل المراد ما لا يزيله الغسل من اللون ونحوه، كالاثر في سؤال الكاظم، (عليه السلام) هذا مع ان الاصل يقتضي نجاسة هذه الاجزاء وإيجاب إزالتها.
لشمول اسم الكل لها، والمعلوم من عفو الشارع انما هو في المسح بالاحجار لمكان العسر والحرج، بخلاف الماء، فيبقى على الاصل والقاعدة، إذ لا عسر ولا حرج، ويشير إليه أيضا قول النبي (صلى الله عليه وآله) (3) لعائشة: ” (مري نساء المدينة يستنجين بالماء، ويبالغن، فانه مطهرة للحواشي ” فان قوله (صلى الله عليه وآله) ويبالغن مع التعليل مشعر بذلك، أو يقال انا لا نلتزم طهارة تلك الاجزاء حال المسح بالاحجار، بل نقول: انه معفو عنها وعما يلاقيها مما يكون في اجتنابه عسر مادامت على المحل، أما لو ارتفع ذلك فانها تنجس ما يلاقيها، ولا ينافي ما ذكرناه من التحديد بزوال العين ما وقع لبعضهم من التحديد بالنقاء كالخبر، لما عرفت من أن النقاء في كل شئ بحسبه، كما سمعت ذلك في الرواية، فالنقاء حينئذ متحد المعنى، لكن مختلف بالنسبة إلى ما يحصل به، فان نقاء كل شئ بحسب حاله.
(1) المنتقى لابن تيميه على هامش نيل الاوطار للشوكاني ج 1 ص 84 (2) و (3) الوسائل – الباب – 9 – من ابواب أحكام الخلوة – حديث 1