جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص403
والعينين كالأصحاب، مع الحكم فيه بانه قد تنام العينان ولا تنام الأذنان، وربما علل بانهما أقوى الحواس إدراكا فمتى بطلا بطل غيرهما بطريق أولى، لكن في المدارك وغيرها أن فيه نظرا، وقال بعضهم وجه النظر منع كونهما أقوى إدراكا، بل اللمسوالذوق أقوى منهما، ولعله لذا استحسن بعضهم التعليق على ذهاب العقل، قلت: قد يحتمل أن يكون اختلاف هذه الأخبار للاشارة الى أنه لا يحتاج الى تعرف، كما يشير إليه صحيح زيد الشحام (1) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ” عن الخفقة والخفقتين ؟ فقال: ما أدري ما الخفقة والخفقتين، ان الله تعالى يقول: (2) (بل الانسان على نفسه بصيرة) إن عليا (عليه السلام) كان يقول: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا وجب عليه الوضوء “.
وما يقال إن ذلك ينافيه ما ذكره بعض الأصحاب وصرحت به بعض الأخبار من تحقق الشك في النوم، وحكمت حينئذ ببقاء الطهارة حتى يستيقن يدفعه أنها محمولة على عدم وجدان طعم النوم، إذ لو وجد لما شك، ولذا حكمت ببقاء الطهارة، كما أنه يحتمل ان يكون المدار العقل، ولكن معرفة ذهابه تحتاج الى معرف، إذ مراتب ذهابه متفاوتة، فأول مرتبته الغلبة على البصر، وآخر مرتبته شرعا الغلبة على السمع، فانه ربما يغلب عليه ومع ذلك يمشي في الطريق، بل في سكة الطريق، بل قد يكون راكبا على فرس أو حمار وهو في غاية ضبط النفس من الوقوع، بل الميل، بل قد يبقى اللجام في اليد، والرجل في الركاب على وجه الاستحكام، والعمامة على الرأس، إلىغير ذلك، فظهر أنه لابد من معرف شرعي للذهاب المعتبر شرعا، ولا يكتفي بذكر ذهاب العقل، ولذا قيد الجماعة بالغلبة على السمع والبصر، لكن فيه ما لا يخفى، فان
(1) الوسائل – الباب – 3 – من ابواب نواقض الوضوء – حديث – 8 – وفي الوسائل (من وجد طعم النوم فانما أوجب عليه الوضوء) (2) سورة القيامة – آية 14