جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص342
في أذهانهم من نجاسة الماء القليل، وإلا لو عرضت عليهم نظائر هذا التركيب لأنكروا على من فهم منها ذلك، فإذا قال القائل مثلا إذا جاءك زيد فلا تكرم أحدا أترى أنه يفهم منه أنه إن لم يجئك زيد فأكرم كل أحد كلا، ان مدعي ذلك مفتر، نعم يفهم أنه أن لم يجئ زيد فليس هذا الحكم، وهو هنا مسلم، فانه ان لم يكن الماء قدر كر فليس له هذا الحكم، وعدم هذا الحكم تارة يكون بالايجاب الكلي، وأخرى بالجزئي، كما اعترف به الفاضل في نظير المقام، على أن تقدير المفهوم على حسب غيره في المقام يقتضى ان غير الكر ينجسه شئ، وهو نكرة في سياق الاثبات لا تفيد العموم، لا يقال: انا نأخذ ذلك من الحكمة، فانه إن لم يحمل على هذا المعنى لزم اللغو في كلام الحكيم، لان الحمل على بعض دون بعض ترجيح من غير مرجح، ولا عهد، فوجب الحمل على العموم، وفيه – مع فساده في نفسه وجوه مذكورة في محلها – انه ان حكم بذلك فانما يحكم به بعد العلم بانه جاء الشارع بهذا الخطاب لافادة ذلك، فانه قد يكون حينئذ قرينة عقلية على ذلك، ودعوى حصوله في المقام ممنوعة، إذ لعله جئ به لبيان عموم حكم المنطوق، كما يظهر من بعض الأخبار (1) المتضمنة للسؤال ” عن الماء الذي لا ينجسهشئ فقال: كر ” ونحوها غيرها.
ولقد أجاد المقدس البغدادي في محصوله، حيث انكر دلالة مثل الشرط الذي يراد العموم من منطوقه على المفهوم، كقوله ” متى تاته تعشوا الى ضوء ناره ” و ” حيث ما تراه تجده مشغولا ” ونحوهما، وإن كان هو في بعض المواضع لا يخلو من نظر، ومع ذلك فالشك كاف في المطلوب، ومن هنا ظهر لك وجه ما وقع من بعضهم من منع كلية الكبرى في المقام، مع استدلالهم بالمفهوم على نجاسة الماء القليل، وذلك لأنه لا كلام في كون هذه الأخبار دالة على التنجيس بغير التغير، فيستدل بها حينئذ على المنكر لذلك كابن أبي عقيل، وأما أن التنجيس بكل شئ وعلى أي حال فلا دلالة فيها، ومن هذه
(1) الوسائل – الباب – 9 – من ابواب الماء المطلق – حديث 7