جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص49
من الأوامر المطلقة، بل وفي غسل الأخباث من غسل الأواني وتطهير الثياب والبدن ونحو ذلك، لا يخفى على من لاحظها ان المراد منها بيان كون الجنابة سببا للخطاب بالغسل عند حصول ما يتوقف عليه، لاإرادة الوجوب الفعلي النفسي، ولذلك استدلوا بها على ثبوت الغسل لمن لم يكن مخاطبا بالغسل حين الفعل كالصبي والمجنون وغيرهما، بل لعل المتبادر من نحو هذه بعد ثبوت الوجوب الغيري المسلم عند الخصم ايضا وان قال بالوجوب النفسي كون المراد منها الوجوب الشرطي سيما بعد ملاحظة ذلك في نظائرها.
بل يظهر من المنقول عن العزية ان ذلك حقيقة عرفية في مثل ذلك وقال: إن إخراج غسل الجنابة من بينها تحكم بارد.
ويشعر به ايضا مضافا الى ما تقدم عد الجنابة في سلك غيرها مما هو واجب لغيره، بل ربما جاء بأمر واحد بالغسل للجنابة ولغيرها.
فظهر لك أنه لا حاجة حينئذ إلى ارتكاب دعوى وجوب الطهارات باسرها لغيرها، وان لم يتحقق وجوب غيره، فيجب الوضوء مثلا بمجرد تحقق خروج البول وان كان في غير وقت الصلاة أخذا بظاهر تلك الأوامر، لما عرفت من انصرافها الى إرادة مطلق التسبيب منها الذي لا ينا في الوجوب الشرطي، على ان ذلك كأنهمخالف للاجماع بحسب الظاهر على عدم وجوب الطهارات غيريا إلا بعد وجوب ذي المقدمة، فتأمل.
وان كان لمكان وجوب بتقديم غسل الجنابة على الصوم إذ لو كان واجبا للغير ما وجب تقديمه كما استدل به في المنتهى، فهو مع إمكان إيراد مثله عليه بالنسبة الى غسل الحيض بناء على ما عرفت سابقا من وجوب تقديمه على الصوم ايضا، مع عدم الخلاف على الظاهر في وجوبه للغير، قد عرفت أنه مبني على عدم تعقل وجوب مقدمة الواجب قبل وقت وجوب ذي المقدمة، وتقدم لك سابقا بيان فساد ذلك، وأنه لا مانع منه عقلا وعرفا وشرعا، كما انه تبين لك ايضا انه لا يمكن التخلص عن ذلك بارتكاب القول بالوجوب النفسي، إذ هو مع ذلك لا ينكر الوجوب الغيري والاشكال من جهته