پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص303

(اقول): امّا الأمر الأول فقد تكرر في كلماتنا حال الإستناد إلى الإجماع في امثال المقام ممّا يعلم أو يحتمل استناد المجمعين إلى ما

في أيدينا من الأدله. وأمّا دعوى اختلال النظام، فلم يظهر وجه لزوم الحرج الشديد، فضلاً عن لزوم الإختلال، وذلك فانّ لزوم الإجتناب
عن هذه الأموال على تقديره يوجب كونها كسائر الأموال المأخوذة من الرعية ظلماً، وحيث إنّ الآخذ لا طريق له غالباً إلى إحراز الحرام أو
تعيين مالكه، يكون من المال المشتبه أو المجهول مالكه، فيمكن للمالك التصرف فيها فيما إذا كان مورداً لصرفه، ولو بالمعاملة مع
مستحقيه. نعم عدم فراغ ذمة المكلف ـ من الحق الواجب عليه زكاة أو أجرة للأرض التي يعمل عليها وهي ملك المسلمين ـ يوجب الحرج عليه،
ولكن مجرد لزومه لا يوجب الحكم بالبراءة وفراغ ذمته، لأنّ رفع الحرج حكم إمتناني، ولا امتنان في التوسعة لمكلف بتفويت حق أو
مال على الآخرين. وتعين ما يأخذه الجائر زكاة أو خراجاً، يوجب غالباً صرف الزكاة أو الخراج في غير موردهما، من فقراء الشيعة ومصالح
المسلمين. وعلى تقدير تسليم شمول رفع الحرج فمقتضاه عدم وجوب الزكاة أو الخراج عليه ثانياً، لا أنّ المأخوذ اولا زكاة أو خراج.

والحاصل أنّ ما يأخذه الجائر زكاة أو خراجاً ليس إلاّ كأخذ العشر في مثل زماننا من التجار والكسبة وغيرهما، وكما أنّ لزوم الإجتناب

عن العشور وبقاءها في ملك المأخوذ منهم لا يوجب حرجاً على سائر الناس، لما أشرنا إليه من عدم عرفان مالكها غالباً، فتدخل في عنوان
المجهول مالكه، فكذلك المأخوذ من الرعية زكاة أو خراجاً كما لا يخفى.

(الأمر الرابع) وهي العمدة الروايات الواردة في شراء الخراج والمقاسمة والزكاة من السلطان وعماله.

(منها) صحيحة أبي عبيدة، قال: «سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة، وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم

أكثر من الحق الذي يجب عليهم؟ قال فقال وما الإبل إلاّ مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به، حتى تعرف الحرام بعينه، قيل له
فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا، فنقول بعناها فيبيعناها، فما تقول في شرائها منه؟ فقال: إن كان قد أخذها
وعزلها فلا بأس، قيل له فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا ويأخذه حظه، فيعزله بكيل، فما ترى في
شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك، فلا بأس بشرائه منه من غير كيل»(342).

وذكر المصنف «ره» (أولاً) أنّها دالة على أنّ جواز أخذ الصدقات من السلطان وعماله، كان مفروغاً عنه عند السائل، ولذا وجه سؤاله إلى

خصوصيات الشراء من علم المشتري بأخذ العامل زائداً على الزكاة الواجبة على الرعية، وشراء الشخص الصدقة التي أخرجها أو شراء
الحنطة والشعير من القاسم بلا كيل، وذكر (ثانياً) أنّ في الرواية سؤالاً وجواباً اشعاراً إلى أنّه كان جواز أصل الشراء مفروغاً
عنه عند السائل وإلاّ لكان السؤال عن جواز أصل الشراء أولى، حيث إنّ الشراء بحسب القاعدة الأولية كان محكوماً بالفساد، كما أنّ
التصرف في الأموال المزبور باعتبار بقائها في ملك المأخوذ منهم يكون محرماً تفصيلاً. وقوله (ع) ـ في الجواب عن السؤال الأول لا
بأس بالشراء حتى تعرف الحرام ـ كاف في الدلالة على جواز أصل الشراء، فانّه لو لم يكن الشراء جائزاً لما صح الجواب المزبور.

(اقول) لم يعلم وجه العدول عن الدلالة التي ذكرها أولاً إلى التعبير بالاشعار ثانياً.