ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص290
والمراد بالغلة إمّا ثمرة البستان أو أجرة الأرض. وأمّا الزرع فانّه لمالك البذر لا لمالك الأرض حتى يتصدق به عنه. والرواية لا بأس
بها من حيث السند، لأنّ اباعلى من الممدوحين على ما ذكر الشيخ «ره» ومحمد بن جعفر روي عنه علي بن إبراهيم في تفسيره، ولا
تقصر في الدلالة على لزوم التصدق بمجهول المالك عن معتبرة يونس المتقدمة. وفي مقابل ذلك كله ما يستظهر منه عدم وجوب
التصدق بالمال المجهول مالكه، كصحيحة علي بن مهزيار، حيث ذكر فيها من الغنيمة التي يجب فيها الخمس مال يؤخذ ولا يعرف ولا
يعرف له صاحب(333) واستظهر منه المحقق الهمداني جواز تملك مجهول المالك وكونه ملكاً لمن يقع بيده، وأصر عليه الإيرواني «ره».
ولكن الصحيح أنّ الرواية في مقام بيان ما يجب فيه الخمس بعد فرض تملكه أو صيرورته ملكاً، وانّه ممّا يجب فيه الخمس هو المال
المجهول مالكه، لا في مقام بيان صيرورة المال ملكاً لمن يقع بيده، وعلى ذلك فيمكن أن يختص جواز تملك المال المجهول مالكه بمورد
خاص، كاللقطة بعد تعريفها سنة، أو كون الآخذ فقيراً ونحو ذلك. ولذا لا يمكن الأخذ بالإطلاق في سائر ما ذكر فيها، كقوله (ع): «ومثل
عدو يصطلم، فيؤخذ ماله» حيث لا يجوز الحكم بجواز تملك مال العدو مطلقاً، حتى فيما إذا كان مسلماً، وموثقة هشام بن سالم، قال:
«سأل حفص الأعور أبا عبداللّه (ع) وأنا عنده جالس، قال: إنّه كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه. وله عندنا دراهم، وليس له وارث؟ قال، أبو
عبداللّه (ع): تدفع إلى المساكين، ثم قال رأيك فيها ثم أعاد عليه المسألة، فقال له مثل ذلك، فأعاد عليه المسألة ثالثة، فقال أبو
عبداللّه (ع) تطلب وارثاً، فإن وجدت وارثاً وإلاّ فهو كسبيل مالك»(334) وظاهر هذه عدم وجوب التصدق بالمال المتعذر الوصول إلى
مالكه أو المجهول مالكه، بل يجوز إبقاؤه إلى أن يجيء له طالب. ولذا جمع السيد اليزدي «ره» بينهما وبين ما تقدم بحمل الأمر بالتصدق
على الواجب التخييري.
والحاصل أنّ المكلف بعد الفحص عن المالك وعدم الظفر به يكون مخيراً بين التصدق بالمال وبين إبقائه والوصية بأنّ المال
المزبور من المجهول مالكه. وهذا مع احتماله الظفر به بعد ذلك ـ ولو باحتمال ضعيف ـ كما هو مقتضى الأمر بإبقاء المال لطالبه.
أقول لا يبعد أن يكون المال المسئول عن حكمه فيها من الكلي على الذمة، والحكم فيه بالتصدق لا يكون لزومياً، بل يجوز تركه
والوصية به، ولا يكون على المكلف شيء مع عدم مجيء طالبه، غاية الأمر يتقيد ذلك بما بعد الفحص والطلب واليأس، جمعاً بينهما
وبين مثل صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة.
(لا يقال) قول السائل وله عندنا دراهم يحتمل الدين والعين، فإنّه فرق بين قول القائل له علينا دراهم وقوله له عندنا دراهم، فالأول
يختص بالدين والثاني يعم العين والدين والمذكور في الرواية هو الثاني (فإنّه يقال): نعم ولكن هذه الرواية رواها الكليني بطريق
آخر، وظاهرها اختصاص الواقعة بالدين.