ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص272
ثمّ ذكر المصنف «ره» أنّه ربّما يوهم بعض الأخبار أنّ حل المال في هذه الصورة مشروط بثبوت مال حلال للجائر، كرواية الاحتجاج
عن الحميري أنّه «كتب إلى صاحب الزمان عجل اللّه فرجه يسأله عن الرجل يكون من وكلاء الوقف، مستحل لما في يده، ولا يتورع عن
أخذ ماله، ربما نزلت في قرية هو فيها أو أدخل منزله، وقد حضر طعامه، فيدعوني إليه، فإن لم آكل عاداني عليه، فهل يجوز لي أن آكل طعامه
واتصدق بصدقة، وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدي هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر، فيدعوني إلى أن أنال منها، وأنا أعلم أنّ الوكيل لا يتورع عن
أخذ ما في يده، فهل على فيه شيء إن أنانلت منه؟ الجواب إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده، فأقبل بره وإلاّ فلا(311).
ولا يخفى أنّ ظاهر الخبر صورة العلم بحرمة مال الجائر، وفرض مال حلال له فيها، باعتبار أن لا يكون حرمة المأخوذة محرزة تفصيلاً،
لا أنّ وجود مال حلال له شرط تعبدي في جواز المأخوذ منه.
[1] (الصورة الثانية) وهي ما يعلم ثبوت الحرام في الأموال التي بيد الجائر ويحتمل كون الجائزة من ذلك الحرام، فيجوز في هذه أيضاً
أخذ الجائزة تكليفاً ووضعاً، لجريان قاعدة اليد في الجائزة، ولا تكون معاوضة باليد على سائر أمواله، سواء احتمل الآخذ الابتلاء
بها بعد ذلك، أم لا، وذلك فانّ عدم جواز التصرف بالاضافة إلى سائر الأموال محرز تفصيلاً، فانّها إمّا ملك الجائر واقعاً،
وباعتبار عدم إذنه في التصرف فيها تكون حراماً. وأمّا ملك لغيره، فلا يجوز التصرف فيها بدون إذن ذلك الغير، وأمّا بالإضافة
إلى الجائزة، فلا علم بحرمتها، فتكون مورداً لقاعدة اليد بلا معارض. نعم في مثل ما إذا خيره الجائر في أخذ أحد أثوابه المعلومة حرمة
بعضها إجمالاً، يدخل الفرض في الصورة الرابعة.
(لا يقال): إنّ العلم الإجمالي في هذه الصورة منجز، وذلك فانّ العلم التفصيلي بحرمة سائر أموال الجائ، لكونها ملك الغير أو انّها
ملكه، وباعتبار عدم إذنه يحرم التصرف فيها، لا يوجب جريان قاعدة اليد في المأخوذ، لسقوطها بالعلم الإجمالي بحرمة المأخوذ أو عدم جواز
الأخبار والشهادة على كون سائر أمواله ملكاً له. والحاصل أنّ ليده على سائر أمواله أثراً فعلياً، وهو جواز الأخبار والشهادة على كونه
مالكاً له (فانّه يقال) إذا علم وجود الحرام في سائر أمواله، واحتمل كون المأخوذ أيضاً حراماً، فلا بأس باجراء قاعدة اليد في المأخوذ.
نعم إذا علم حرمة بعض أمواله وتردد ذلك البعض بين كونه جائزة أو ما هو عند الجائر، فلما ذكر من دعوى العلم الاجمالي بحرمة المأخوذ أو عدم
جواز الأخبار بمليكة ساير ما في يده وجه، فانّه يكون أيضاً ليده على سائر أمواله أثر، وهو جواز الأخبار بكونها ملكاً له.
ثمّ إنّ هذا الوجه كما ترى يجري حتى في الشبهة غير المحصورة، والتي لا يمكن عقلاً فيها ابتلاء المكلف بتمام أطرافها، فلا يحل
المأخوذ فيها، لسقوط قاعدة اليد، ويكون عدم الجواز مقتضى استصحاب الفاسد.