پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص253

ثم قال «ره»: (وإن كان الواجب تخييرياً فمع كونه توصلياً، فلا بأس بأخذ الأجرة على خصوص أحد فرديه، لعدم كونه مقهوراً عليه،

بل مخيراً بينه وبين فرده الآخر، وكذا الحال فيما إذا كان تعبدياً، وقلنا بما أنّ خصوصية الفرد غير مأخوذة في متعلق الأمر
فالاتيان بالقدر المشترك بداعي الأمر به لا ينافي أخذ الأجرة على تلك الخصوصية، ويوضح ذلك ملاحظة ما إذا كان المكلف بحيث لا
يأتي بالقدر المشترك في ضمن أي فرد ولو أعطي له الأجرة على بعض الافراد، وإنّما يكون أمر الشارع بالقدر المشترك داعياً إلى
الاتيان به، وبما أنّ خصوصية الافراد خارجة عن متعلق الأمر فيأتي بالقدر المشترك في ضمن خصوصية معينة لأخذه الأجرة عليها.
ولا يقاس ذلك بالاتيان بخصوصية العمل رياءاً، حيث إنّ العمل يبطل حتى فيما إذا كان الرياء في خصوصية ذلك العمل. ووجه عدم
القياس ما دلّ على أنّه سبحانه خير شريك لا يقبل عملاً يكون له ولغيره، بل يتركه للغير، وهذا فيما إذا كانت الخصوصية التي
أتي بها رياءاً متحدة مع العمل خارجاً، كالصلاة في أول الوقت أو في المسجد، فانّه يحكم ببطلانها حتى فيما إذا كانت أصل الصلاة
للّه واختيار المسجد أو أول الوقت للرياء. وأمّا إذا كان لها وجود آخر، كما إذا صلى للّه وأتى بتعقيباتها رياءاً، فلا يوجب ذلك بطلان
أصل الصلاة.

(اقول): مقتضى هذا الكلام عدم الفرق بين الواجب التخييري الشرعي وبين الواجب التعييني الذي يكون التخيير بين افراده

عقلياً في أنّه يجوز فيها أخذ الأجرة على خصوص بعض الافراد، وتعرض «ره» للواجب الكفائي، وقال لا بأس بأخذ اأجرة عليه مع
كونه توصلياً، فانّه مع الاستيجار يملك المستأجر ذلك العمل ويستند إليه ويكون عملاً له، فيستحق ثوابه ويسقط التكليف
عن الأجير وعن غيره، لقيام المستأجر به ولو بغير المباشرة. ومن هذا القبيل الاستيجار لتطهير المسجد أو للجهاد ونحوهما. وأمّا إذا كان
الواجب الكفائي تعبدياً، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه لا لوجوب الفعل عليه، وإلاّ لم يجز أخذ الأجرة على التوصلي أيضاً بل
باعتبار منافاة أخذ الأجرة للاخلاص المعتبر فيه. وما ذكر ـ في وجه جواز أخذ الأجرة على خصوص بعض افراد الواجب التخييري من خروجه
عن متعلق الأمر ـ لا يجري في الكفائي نعم لو كان الواجب الكفائي التعبدي قابلاً للنيابة، بان ينزل الأجير نفسه منزلة الغير،
فيأتي بالفعل عن ذلك الغير، فيكون المقام من قبيل الاستيجار على النيابة في العبادات. وقد تقدم جوازه، ولكن مشروعية
النيابة محتاجة إلى دليل خاص، وعلى تقدير قيامه في مورد يكون خارجاً عن محل الكلام. فانّ الكلام في المقام في جواز العمل عن
نفسه، وتمليك ذلك العمل للغير بالاجارة ونحوها، كالخياط تكون خياطته عن نفسه، ولكنّها ملك الغير.

وحاصل البحث في المقام أن ايجاب عمل على مكلف يوجب سقوطه عن المالية شرعاً، لا يجوز تمليكه للغير بالأجرة أو أنّ وجوبه عليه

لا يوجبه ما لم يجب عليه ذلك العمل مجاناً. وفي مورد النيابة يأتي العامل بالعمل عن الغير، ومشروعية هذه تحتاج إلى دليل. وإلاّ
فالأصل عدم احتساب عمله عملاً للغير.

ثم انّه يفهم من أدلة وجوب الشيء[1].

[1] بأن يستفاد أنّ الغير يستحق الفعل عليه بحكم الشارع وايجابه، ففي مثل ذلك يكون أخذ الأجرة عليه من أكلها بالباطل، فان

ايجاب الفعل كذلك بمعنى ايجابه مجاناً ولعله من هذا القبيل تجهيز الميت وانقاذ الغريق ومعالجة الطبيب المرض المهلك.