پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص154

أقول: لم يظهر وجه صحيح للخدشة فيما ورد في تفسير الزور، فإنّه لا قرينة في البين على أنّ تطبيق الإمام (ع) عنوان الزور

على الغناء باعتبار الكلام، كما كانت في الوارد في تفسير الآية الأُولى، بل الثانية أيضاً. وبعبارة أُخرى: صحيحة أبي
الصباح عن أبي عبداللّه (ع)(167) دالّة على كون الغناء بنفسه زوراً وباطلاً، وظاهر الغناء هي الكيفية في الكلام الحقّ أو
الباطل. وما ذكر «ره» أيضاً من دلالة المرسلة على استعمال الغناء في الكلام الباطل ضعيف ، لاحتمال أن يكون قوله فيها والتي
ليست بغناء راجعة إلى القراءة لا قيداً للفضائل. نعم مجرّد المدح على الحضور في مجلس اللهو والباطل المستفاد من قوله سبحانه
«والذين لا يشهدون الزور» لا يكفي في الحكم بالحرمة كما لا يخفى.

وفيها ابن فضال[1].

[1] كأنّ مراده أنّ وجود بني فضال في سند الرواية كاف في اعتبارها للأمر بالأخذ برواياتهم، وقد روى محمد بن الحسن في كتاب

الغيبة عن أبي الحسين التمام عن عبداللّه الكوفي خادم الحسين بن روح عن الحسين بن روح عن أبي محمد الحسن بن علي (ع) أنّه
«سُئل عن كتب بني فضال؟ فقال: خذوا ما رووا وذروا ما رأوا»(168)، وفيه أنّه لا سبيل لنا إلى إحراز أنّ رواية عبدالأعلى مروية عن
كتب بني فضال، بل على تقديره أيضاً لا يكون الرواية معتبرة، فإنّ الأمر بالعمل برواياتهم إرشاد إلى أنّ مجرّد فساد اعتقادهم
لا يوجب طرح رواياتهم بأن لا يصحّ الاعتماد على رواية يكون أحد منهم في سندها لا أنّ وجودهم في سند رواية يكون تمام الموضوع
لاعتبارها، بحيث لا تضرّ جهالة باقي رواتها حتّى مع كون بعضهم كذّاباً وجعّالاً. ولذا لا يصحّ عند معارضة رواية صحيحة مع
رواية أُخرى في سندها منهم طرح الصحيحة والأخذ بالرواية بدعوى أنّه مقتضى الأمر بالأخذ بكتبهم. هذا مع أنّ الأمر بالأخذ غير ثابت،
ومنشأه الرواية التي نقلناها كما لا يخفى.

نعم، دلالة الرواية ـ وظهورها في كون الغناء المحرّم عبارة عن الكيفية في الصوت ـ واضحة، فإنّ الكلام الذي يزعم فيه ترخيص

رسول اللّه (ص) ليس من الباطل من جهة المعنى، ولعلّ وجه الاستشهاد بالآية كون المحكي عن رسول اللّه (ص) هو تجويزه القول
المزبور مطلقاً، بأن يقال عنده (ص) أيضاً. وهذا نوع من اتخاذه (ص) اللهو أو أنّ حكاية تجويز القول المزبور عنه (ص) كانت افتراءاً
عليه (ص) نظير افتراء الكفّار على اللّه سبحانه من أخذه تعالى مريم وابنها صاحبةً وولداً، فيعمّ الحاكين لترخيصه ما ذكر في
حقّ هؤلاء الكفّار من الويل.

ثمّ إنّ الظاهر كون الرواية موثّقة، لأنّ عبدالأعلى هو ابن أعين وقد وثّقه المفيد في رسالته الإعدادية، كما يعمّه التوثيق العام

من علي بن إبراهيم، حيث روى في تفسيره عنه. ووجه كونه في هذه الرواية هو ابن أعين رواية يونس بن يعقوب الذي روى بعض
الروايات الأُخر عنه بعنوان ابن أعين، فلاحظ.