ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص128
الوجه الرابع: أنّ رواية الجعفريات «حلق اللحية من المثلة، من مثّل فعليه لعنة اللّه» وأورد على الاستدلال بها على الحرمة بأنّ
مجرّد اللعن على فعل لا يدلّ على حرمته، وقد ورد اللّعن في ترك بعض المستحبّات، مثل قوله (ع): «ملعون من أخّر الصلاة»
وأجاب عنه السيد الخوئي طالب قاه ـ كما في تقريراته ـ بأنّ اللّعن على فعل غير الإخبار بكون الشخص ملعوناً، فإنّ الإخبار
بكونه ملعوناً وبعيداً عن اللّه ربّما يكون منشأه ارتكاب المكروهات، وهذا بخلاف إنشاء اللعن على المؤمن، فإنّه لا يكون إلا مع
ارتكابه فعلاً محرّماً، وقوله (ع) «ومن مثّل فعليه لعنة اللّه» من قبيل إنشاء اللّعن على فاعل المثلة بخلاف قوله: «ملعون من
أخّر الصلاة».
ولا يخفى ما في الإشكال والجواب، فإنّ اللعن ليس هو البعد مطلقاً بل البعد الناشئ عن الطرد والغضب، وهذا لا يكون إلا مع حرمة
الفعل، ولا يفرق في ذلك بين إنشائه أو الإخبار بكون الفاعل لكذا ملعوناً ومطروداً، حيث انّه لو لم يكن فعله محرّماً فلا موجب
لطرده ولعنه، واللّعن في مثل تأخير الصلاة عن وقتها محمول على مثل ما إذا كان التأخير للاستخفاف بها.
ثمّ انّ المعتبر في تحقّق عنوان المثلة أمران:
أحدهما: إيقاع النقص بالغير.
وثانيهما: كون الإيقاع بقصد هتكه وتحقيره. فلا يتحقّق العنوان فيما إذا حلق الإنسان لحيته بداعي تجميله أو نحوه، كما هو موضوع
البحث. والمستفاد من الرواية أنّ حلق لحية الغير بقصد هتكه والتنقيص به مثلة حكماً أو موضوعاً.
هذا مع أنّ رواية الجعفريات لا تكون حجّة على الحكم ولا على حرمة المثلة، فإنّه لم يثبت أنّ النسخة المأخوذة منها هذه بعينها كتاب
موسى بن إسماعيل بن موسى (ع) ووصل إلى سهل بن أحمد بن سهل، ومنه إلى الحسين بن عبيداللّه بواسطة محمد بن محمد الأشعث.
ومما ذكرنا يظهر أنّه لا بأس بقطع عضو الميت الكافر في العملية المتعارفة في زماننا، وجعله مكان العضو الفاسد من إنسان آخر، كما
لا بأس بخرق جسده لغرض الاطلاع على أوضاع الجسد المعبّر عن ذلك بالتشريح للطبابة. نعم لا يجوز ذلك بالإضافة إلى أعضاء
الميت المسلم باعتبار وجوب دفنها وحرمة هتكه حيّاً وميّتاً.