پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص61

والظاهر ثبوت[6].

[6] وحاصل ما ذكره «ره» في المقام أنّ من الأعيان النجسة ما ينتفع بها ولكن باعتبار عدم كون ذلك الانتفاع مقصوداً للعقلاء

أصلاً لا يوجب ماليتها، وفي هذا القسم يثبت حقّ القاصص، ومنشأ ثبوت هذا الحقّ كون العين في السابق مالاً للمالك كما في
الخلّ المنقلب إلى الخمر، أو حيازة تلك الأعيان وأخذها كما فيما إذا جمع العذرة حتّى صارت من الكثرة بحيث ينتفع بها في المزارع
والبساتين. وكيف كان فلا بأس بالمصالحة على ذلك الحقّ بعوض ولا يعدّ ذلك العوض ثمناً لعين النجس حتّى يكون سحتاً.
وأولى منها أخذ المال لرفع يده عن تلك العين، وبعد الاعراض يحوزها باذل المال، ومن هذا النحو بذل المال لمن يسبق إلى الأمكنة
المشتركة، كما إذا جلس في مكان من المسجد أو السوق، أو يسبق إلى غرفة في المدرسة فللآخر بذل مال له ليرفع يده عن المكان أو
الغرفة حتّى يسبق إليهما الباذل، وأولى من ذلك ما إذا جمع العذرة في مكانه المملوك وأخذ المال حتّى يأذن للباذل بدخول ذلك المكان لأخذ
العذرة مجّاناً.

ثمّ انّه يعتبر في ثبوت حقّ الاختصاص بالحيازة أن يكون قصد الحائز الانتفاع بتلك العين كما يعتبر في ثبوت الحقّ

بالسبق إلى المشتركات الانتفاع بذلك المكان بما يناسبه، ففي السوق الانتفاع به بالكسب فيه، وفي المدرسة الانتفاع بها
بالكسنى، وفي المساجد والمشاهد الانتفاع بها للعبادة ونحوها، وأمّا إذا كان قصده إشغال المكان في المسجد أو السوق أو المدرسة حتّى
يأخذ من الغير مالاً ليرفع يده عنه، فلا يوجب سبقه حقّاً، وعلى ذلك فإن لم يكن قصد من جمع العذرة الانتفاع بها بالبساتين
مثلاً، فلا يثبت له حقّ الاختصاص، فالمتعيّن في حقّه ما ذكر أخيراً من جمع العذرة في مكانه المملوك وأخذ المال لاذنه في الدخول
فيه.

أقول: يمكن أن يقال: إنّ النهي عن المعاملة على الشيء أو عدّ ثمنه سحتاً مقتضاه سقوط ذلك الشيء عن المالية شرعاً، لا سقوطه عن

كونه ملكاً أيضاً، والملك أعمّ من المال، حيث يكون الملك من غير كونه مالاً كما في الحبّة والحبّتين من الحنطة أو قليل من
التراب ونحوه، فيترتب عليه آثار الملك من عدم جواز التصرّف فيه بلا رضا مالكه، ولا يثبت مثل ضمان التلف في اليد أو
الاتلاف فإنّه من آثار كون الشيء مالاً.

والحاصل أنّه لم يعلم الفرق بين الحبّة والحبّات من مثل الحنطة وبين الخمر الممكن انقلابه إلى الخلّ في كون الأوّل ملكاً

والثابت في الثاني حقّاً ليقال لا دليل على حدوث هذا الحقّ بعد زوال الملك والمالية، بل الظاهر ولا أقلّ من أنّ مقتضى
الاستصحاب كون الموجود فعلاً هو ملك من كان له في السابق، وعلى ذلك فلا بأس في مثل الخمر المزبور بالمصالحة على عوض أو أخذ
المال للاعراض عنها، حتّى يملكها بإذن المال بالحيازة، حيث انّ المنهي عنه بيعها والسحت ثمنها والمصالحة والإعراض لا يكونان
بيعاً، والعوض فيهما لا يكون ثمناً.