ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص30
[1] لو لم تكن للمتنجس منفعة محلّلة مقصودة، كما إذا كانت منفعته المقصودة الأكل أو الشرب، فحرمتهما مع عدم إمكان تطهيره توجب
كون أخذ المال في مقابله من أكله بالباطل. والعجب من المصنّف «ره» أنّه لم يتعرّض لهذا الاستدلال، بل ذكر في وجه بطلان بيعه
روايات تقدّم عدم صحّة الاعتماد عليها، بل مع الإغماض عمّا تقدّم، فلا يمكن الاستدلال بها على حكم المقام، فإنّه لم تتعلّق
الحرمة في خطاب الشرع بنفس المتنجّس حتّى يعمّه قوله: «إذا حرّم اللّه شيئاً حرّم ثمنه» أو قوله في رواية دعائم الإسلام: «ما
كان محرّماً أصله لم يجز بيعه وشراؤه» بل حرمة شرب المتنجّس أو أكله مستفادة مما ورد في أبواب مختلفة، كالنهي الوارد عن شرب
الماء والمضاف المتنجسين، وكالأمر الوارد بإهراق المرق المتنجس وغسل لحمه، وغير ذلك مما هو إرشاد إلى عدم جواز تناول المتنجّس.
لا يقال: يكفي في تعلّق النهي بنفس المتنجّس مثل قوله سبحانه: «يحلّ لهم الطيّبات ويحرّم عليهم الخبائث»(38).
فإنّه يقال: لم يعلم أنّ المراد بالخبائث الأعيان ليدّعى شمولها للأعيان المتنجّسة أيضاً، بل الظاهر أنّ المراد بها الأعمال
القبيحة وذوات المفاسد، كما أنّ المراد بالطيّبات خلافها. وهذا مقتضى وصف النبي الأُمّي بأنّه يحلّ لهم الطيّبات ويحرّم
عليهم الخبائث، حيث أنّ التعرّض في مقام توصيفه لتحليله بعض المأكول والمشروب وتحريمه بعضهما الآخر دون سائر ما جاء به
من الأحكام غير مناسب، ولو لم يكن ما ذكرنا ظاهراً فلا أقلّ من الاحتمال. كيف؟ وقد ذكر الخبائث في قوله سبحانه: «نجّيناه من
القرية التي كانت تعمل الخبائث»(39) والمراد به الفعل القبيح بلا شبهة.
وعلى الجملة لم يثبت أنّ الخبيث نفس المتنجس، بل هو أكله وشربه، هذا كلّه بالإضافة إلى ما لا يقبل التطهير. وأمّا ما يقبل
التطهير كالحليب المتنجّس يعمل جبناً ويطهر ذلك الجبن بالغسل، فلا بأس ببيعه، ولا يكون مجرد تنجسه مانعاً عنه، لأنّ
المتنجّس لا يزيد على الأعيان النجسة التي ذكرنا صحة بيعها مع المنفة المقصودة المحلّلة لها.