ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص16
و(ثانياً) أنّ المتيقّن في الإرادة من الخارج لا يوجب أن يكون أحد الدليلين نصّاً في ذلك المتيقن، وظاهراً في غيره ليجمع
بينهما بالأخذ بذلك المتيقن، وطرح الظاهر، كما إذا ورد مثلاً الأمر بإكرام العلماء في خطاب، والنهي عنه في خطاب آخر، فإنّ حمل الأول
على العادل، والثاني على الفاسق، بدعوى كون ذلك متيقناً بالإرادة منهما لا يوجب كون الحمل من الجمع العرفي، ومثل الجمع المزبور
حمل حرمة البيع والثمن على الفساد، وحمل نفي البأس على الجواز تكليفاً، وذلك فإنّه ليس بأولى من حمل حرمة البيع وتحصيل
الثمن على التكليف فقط، والأخذ بظاهر البأس وهو الإرشاد إلى صحّة البيع.
[1] لا يخفى أنّ الحكم بجواز بيع العذرة لا يحتاج إلى الرواية،فإنّ وجود المنفعة المقصودة للعقلاء في شيء بحيث يبذلون
بإزائه المال كاف في نفوذ بيعه، والمعاملة عليه، وقد تقدم أيضاً أنّ مجرد نجاسة شيء لا يوجب فساد بيعه، ولذا يتعين القول
بالجواز، مع أنّ الترجيح للخبر الدال عليه، لأنّ معظم العامة على المنع. وما ذكره المنصف «ره» من أنّ رواية الجواز لا يجوز الأخذ بها من
وجوه لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ مراده بالوجوه يمكن أن يكون ضعف الرواية سنداً بمحمد بن مضارب، ومخالفتها لفتوى المشهور
بالمنع، وكذا مخالفتها للروايات العامة، حيث ذكر في بعضها عدم جواز بيع وجوه النجس، ولكن ضعف السند مشترك بين الرواية
الدالّة على الجواز والدالة على المنع، ولم يعلم أنّ فتوى المشهور بالمنع هل كان لخلل في رواية الجواز غير المعارضة المزبورة، وغير
ضعف سندها وخلافها للاحتياط كما أنّ الروايات العامّة لا تصلح للاعتماد عليها كما مرّ، وعلى الجملة لا فرق بين الأرواث الطاهرة
والنجسة في أنّ المنفعة المحلّلة المقصودة كالتسميد بها واستعمالها وقوداً كافية في الحكم بجواز الاكتساب بها.