احکام القرآن للجصاص-ج5-ص293
لا يلبس مثل لذلك المجني عليه ولا يستعمله فيها قصد إليه وهذه هي الرواية المشهورة عن مالك
وقال ابن يونس قال مطرف وابن الماجشون لو تعدى على شاة بأمر قل لبنها به فإن كان عظم ما تراد له اللبن ضمن قيمتها إن شاء ربها وإن لم تكن غزيرة اللبن فإنما يضمن ما نقصها
وأما الناقة والبقرة فإنما فيهما ما نقصهما وإن كانت غزيرة اللبن لأن فيها منافع غير ذلك باقية
ومن المدونة من فقأ عيني عبد رجل أو قطع يديه جميعا فقد أبطله ويضمن الجارح قيمته ويعتق عليه وإن لم يبطله مثل أن يفقأ عينا واحدة أو جدع أنفه وشبهه فعليه ما نقصه ولا يعتق عليه
ابن رشد إن قطع اليد الواحدة من صانع ضمن اتفاقا قيمته ( وإن لم يفته قبضه )
اللخمي إن كان التعدي يسيرا ولم يبطل الغرض منه لم يضمن بذلك
قال مالك فإن كان ثوبا رفاه أو قصعة أصلحها وغرم ما نقصها بعد الإصلاح وإنما لزمه إصلاحه لأن صاحبه لا يقدر على استعماله إلا بعد إصلاحه وقد كان في مندوحة عن ذلك وليس هذا من القضاء بالمثل فيما قل قدره ولو كان ذلك ما غرم النقص بعد الإصلاح لأن من غرم مثل ما تعدى عليه لم يكن عليه غرم آخر
وقد تكون قيمة الثوب سالما مائة ومعيبا تسعين ويغرم في رفوه عشرة ثم تكون قيمته خمسة وتسعين فيخسر المتعدي خمسة
وقد لا يريد الإصلاح
واختلف في هذا الأصل هل يغرم الجارح أجر الطبيب فقيل ذلك عليه فإن برىء على شين غرمه أيضا وهذا قول موافق للرفو أنه على المتعدي
وقيل إن ذلك على المجروح فإن برىء على غير شين لم يكن على الجارح شيء وفي هذا ظلم على المجروح والأول أحسن أن على الجاني الرفو وأجرة الطبيب
قال وأما إن كان التعدي كثيرا ولم يبطل الغرض المقصود منه فإن حكمه حكم اليسير ( كلبن بقرة ) تقدم نقل ابن يونس أن الناقة والبقرة فإنما فيهما ما نقصهما ( ويد عبدا وعينه ) تقدم النص لهذا وقول ابن رشد إلا يد الصانع ( وعتق عليه إن قوم ) تقدم نص المدونة إن غرم قيمة العبد عتق عليه ( ولا منع لصاحبه في الفاحش على الأرجح )
ابن يونس عن بعض الفقهاء معنى قول ابن القاسم أن الجاني على العبد جناية مفسدة يغرم القيمة ويعتق عليه إنما هذا إذا طلب ذلك سيده وأما إن أراد أخذ عبده وما نقصه فله ذلك
ابن يونس هذا خلاف ظاهر قول ابن القارم والصواب والذي اختاره أنه إذا أفسده هكذا أن يغرم الجاني قيمته ويعتق عليه على ما أحب أو كره لأن قيمته عوضه فهو مضار في ترك قيمته صحيحا وأخذ ما لا ينتفع به وإحرام العبد العتق وإن لم يفسده مثل أن يفقأ عينه الواحدة أو يقطع يده الواحدة ولم تذهب بها أكثر منافعه فالسيد مخير بين أخذه وما نقصه لأنه ينتفع به أو يغرم الجاني قيمته ويعتق عليه أدبا له لتعديه وظلمه كما قال مالك وأشهب
وأما إن كانت الجناية يسيرة مثل أن يجدع أنفه أو يقطع أذنه أو يقطع أصبعه ولم يفسده ذلك فليس عليه إلا غرم ما نقصه ( ورفا الثوب ) من المدونة قال ابن القاسم من تعدى على صحفة أو عصا لرجل فكسرها أو خرق له ثوبا فإن أفسد ذلك فسادا كثيرا خير ربه في أخذ قيمته جميعه أو أخذه بعينه أو أخذ ما نقصه من المتعدي وإن كان الفساد يسيرا فلا خيار لربه وإنما له ما نقصه بعد رفو الثوب
ابن يونس قال بعض أصحابنا إذا أفسد الثوب فسادا كثيرا واختار ربه أخذه وما نقصه فإنما يعني بعد أن يرفأ الثوب أو يخاط وتشعب له القصعة ونحو ذلك كما قال في الفساد اليسير إنه يأخذ الثوب وما نقصه بعد الرفو لا فرق بين اليسير والكثير بخلاف الجناية على الحيوان هذا ليس على الجاني أن يغرم ما نقص بعد أن يداوي له الدابة
والفرق بينهما أن ما ينفق على المداواة غير معلوم ولا يعلم هل ترجع إلى ما كانت عليه أم لا والرفو والخياطة معلوم ما ينفق عليهما ويرجعان إلى ما كانا
ابن يونس وهذا الذي ذكر في الفساد الكثير في الثوب أنه يأخذه وما نقصه بعد الرفو خلاف ظاهر وجه فساده أنه قد يغرم في رفو الثوب أكثر من قيمته صحيحا وذلك لا يلزمه ( مطلقا ) تقدم نقل ابن يونس لا فرق بين اليسير والكثير وهو الذي اقتصر عليه في النكت لا أن ابن يونس قال إن ظاهر قولهم خلافه ( وفي أجرة الطبيب قولان ) تقدم قول ابن يونس ليس على الجاني أن يداوي وما نقل غير هذا
وقد تقدم أن اللخمي حكى الخلاف قال إن الأحسن أن على الجاني أجر الطبيب والرفو