احکام القرآن للجصاص-ج5-ص283
إنما أحدثه الغاصب في الشيء المغصوب على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك إن كان خرج مما له عين قائمة كالصبغ والنقض في البنيان فإن كان ذلك الشيء يمكن إعادته على حاله كالبقعة بينهما وما أشبه ذلك فالمغصوب منه مخير بين أن يأمر الغاصب بإعادة البقعة على حالها وإزالة ماله فيها من نقض إن كان فيها نقض وبين أن يعطي الغاصب قيمة ماله فيها من النقض مقلوعا مطروحا بالأرض بعد أجر القلع
قاله ابن شعبان وابن المواز
وهذا إذا كان الغاصب ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا بعبيده وإنما يستأجر عليه
وقيل إنه لا يحط من ذلك أجر القلع على مذهب ابن القاسم في المدونة وإنى هذا ذهب ابن فرحون واغتل في ذلك أن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أن يأخذه بالقيمة بعد الهدم وإن لم يكن في البنيان الذي بنى الغاصب ماله قيمة إذا قلعه لم يكن للغاصب على المغصوب منه شيء
ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق ( لا صيد كشبكة ) ابن بشير وإن كان المغصوب آلة كالسيف فلا خلاف أن الصيد للغاصب ومثل السيف الشباك والحمالات ( وما أنفق في الغلة ) تقدم نقل ابن يونس إن ما أنفق في الغلة من سقي وعلاج له المقاصة به فيما بيده من غلة
ثم ذكر قولا آخر مشهورا أن لا شيء له كما أنفق في المركب النخر من قلفطة
وانظر أيضا على القول أن له ما أنفق إنما يرجع بذلك في الغلة إن كانت وإلا فلا شيء له على المستحق والذي لابن عرفة على غرم الغاصب الغلة في رجوعه بالنفقة طريقان كمن تعدى على رجل فسقى له شجرة أو حرث أرضه أو حصد زرعه ثم سأله أجر ذلك
راجع اللخمي وابن عرفة ( وهل إن أعطاه فيه متعدد عطاء فبه أو بالأكثر منه ومن القيمة تردد ) قال ابن القاسم ظن مالك فيمن تسوق سلعة فيعطيه غير واحد بها ثمنا ثم يستهلكها له رجل فليضمن ما كان أعطى فيها ولا ينظر إلى قيمتها إذا كان عطاء قد تواطأ عليه الناس ولو شاء أن يبيع باع
وقال سحنون لا يضمن إلا قيمتها
وقال عيسى يضمن الأكثر من القيمة أو الثمن اه
نقل ابن يونس
وقال ابن رشد قول مالك لا ينظر إلى قيمتها معناه إلا أن تكون القيمة أكثر فقول عيسى مفسر لقول مالك ( وإن وجد غاصبه بغيره وغير محله فله تضمينه ومعه أخذه إن لم يحتج لكبير حمل ) انظر إن كان معناه بغير الشيء المغصوب
وعبارة ابن الحاجب لو وجد الغاصب خاصة يعني دون الشيء المغصوب وقد تقدم عند قوله ولو صاحبه أنه ليس لرب الطعام المغصوب جبر الغاصب على رده لبلد الغصب
وقال ابن حارث اتفقوا إذا غصبه عبدا أو جارية ثم لقيه بموضع آخر أنه ليس له إلا أخذ ذلك بعينه ولا تجب له قيمته إلا أن يأخذه برده إلى موضعه
وروى الباجي ويخير في البز والعروض في أخذ عينها أو قيمتها وقد تقدم نقل ابن رشد سماع ابن القاسم أن النقل فوت في الرقيق والعروض لا في الحيوان
وقول ابن عرفة في نقل غير الطعام طريقان
ولخص ابن يونس سماع ابن القاسم فقال الطعام ليس له في الحكم إلا مثله بموضع غصبه والعبيد والإماء والحيوان ليس له أخذهم إلا حيث وجدهم إن لم يتغيروا وأما البز والعروض فربها مخير بين أخذها أو أخذ قيمتها بموضع غصبها ثم ذكر أن أشهب يخيره أيضا في