احکام القرآن للجصاص-ج5-ص264
( كعليك إن كانت لك بينة ) من المدونة من بيده وديعة أو قراض لرجل فقال له رددت ذلك إليك فهو مصدق إلا أن يكون قبض ذلك ببينة فلا يبرأ إلا ببينة
ولو قبضه ببينة فقال ضاع مني أو سرق صدق
وقال ابن رشد الأمانات التي بين المخلوقين أمرهم الله فيها بالتقوى والأداء ولم يأمرهم بالإشهاد كما فعل في مال اليتيم فدل ذلك على أنهم مؤتمنون في الرد إلى من ائتمنهم دون إشهاد فوجب أن يصدق المستودع في دعواه رد الوديعة مع يمينه إن كذبه المودع كما تصدق المرأة فيما ائتمنها الله عليه مما خلق في رحمها من الحيضة والحمل إلا أن يكون دفعها إليه بإشهاد فيتبين أنه إنما ائتمنه على حفظها ولم يأتمنه على ردها فيصدق في الضياع الذي ائتمنه عليه ولا يصدق في الرد الذي استوثق منه ولم يأتمنه عليه
هذا قول مالك وجميع أصحابه ( مقصودة ) ابن عرفة قيد اللخمي وعبد الحق والصقلي البينة بأنه قصد بها التوثق منه
قال عبد الحق من أخذ وديعة بحضرة قوم لم يقصد إشهادهم عليه فهو مصدق في الرد وليس كمن أخذها ببينة وكذا إن أقر المودع عند بينة أنه قبض من فلان وديعة ( لا بدعوى التلف ) من المدونة قال مالك إذا قبض قراضا أو وديعة ببينة لا يبرأ بقوله رددت ويصدق إذا قال ضاع مني ( أو عدم العلم بالرد أو الضياع ) انظر هذا مع ما يتقرر في نوازل أصبغ لو قال لمودعها ما أدري أرددتها إليك أم تلفت لم يضمنها إلا أن يكون إنما أودعه إياها ببينة فلا يبرأ إلا بها
ابن رشد ويحلف ما هي عنده ولقد دفعتها إليك أو تلفت ( وحلف المتهم ) ابن يونس قال مالك لو أقبضه الوديعة أو القراض ببينة فقال ضاع مني صدق يريد ولا يمين عليه إلا أن يتهم فيحلف
قال ابن عبد الحكم وإن نكل المتهم عن اليمين ضمن ولا ترد اليمين هنا
ابن يونس الفرق بين دعوى الرد ودعوى الضياع أن رب الوديعة في دعواه الرد يدعي يقينا أنه كاذب فيحلف كان متهما أو غير متهم
وفي دعوى الضياع لا علم له بحقيقة دعواه وإنما هو معلوم من جهة المودع فلا يحلف إلا أن يكون متهما وهذا هو الصواب ( ولم يفده شرط نفيها ) ليس هذا من تمام الفرع قبله
قال في المدونة من دفعت له مالا ليدفعه إلى رجل لم يبرأ إلا ببينة
عبد الحق فلو شرط أن لا يمين عليه لم ينفعه لأن اليمين إنما ينظر فيها حين تعلقها فكأنه شرط إسقاط أمر لم يكن بعد بخلاف لو شرط دفعه بغير بنية فإنه لا يضمن ولو لم تقم له بينة
انظر تصور هذا في الخارج ( فإن نكل حلفت ) ما نقل ابن يونس في المتهم إذا نكل إلا عدم رد اليمين
وقال ابن رشد الأظهر أن تلحق اليمين إذا قويت التهمة وتسقط إذا ضعفت وأن لا ترجع إذا لحقت فيبقى النظر هل يكون قوله فإن نكل حلفت راجع إلى مسألة ولم يفده شرط نفيها أو هو بالنسبة إلى دعوى